سهم بن ضاوي الدعجاني
«كل من يتذوق طعم الخير لن يتركه أبداً، وسمو سيدي الأميرمحمد بن سلمان زرع فينا حب عمل الخير» بهذه الكلمات الواعية ذات الدلالة العميقة للاستثمار في الإنسان، التي قالها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد قبل (13) سنة لمجلة» إمارة» في عددها (12) لشهر المحرم لعام 1432هـ التي كانت تصدر عن إمارة منطقة الرياض، عندما كان سموه مستشاراً خاصاً لسمو أمير منطقة الرياض، إبان تولي سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- أيده الله- إمارة منطقة الرياض، جاءت تلك الكلمات التي ترسم خارطة «الخير» وحب البذل والعطاء النوعي في نفس سموه منذ نشأته.
«اللقاء جاء بشكل مباشر من القلب.. وخرجنا بالحديث التالي للمجلة، بعد أن منحنا سموه وقتا لطرح ما لدينا من أسئلة. ولم تطل حيرتنا في تحديد الأسئلة، فسموه منحنا من وقته وفتح لنا قلبه، ولكن لأننا نعلم أن الإبحار مع سموه سيطول ويتشعب، نظرا لمهام سموه كمستشار خاص، ومهام أخرى ألقيت على عاتقه، كرعاية الأعمال الخيرية، وفي مقدمتها جمعية الأمير سلمان الخيرية للإسكان، ومركز الرياض للتنافسية، وقبل ذلك تجربته الثرية في هيئة الخبراء بالديوان الملكي. ذلك يحتاج لمساحة ووقتا كبيرين حتى نحيط بكل ما نريد، وقد استأذنا سموه أن نركز في هذا اللقاء على محورين: الإسكان الخيري، ومركز الرياض للتنافسية على أن يمنحنا سموه لقاء آخر للحديث في مجالات أخرى».
هذه المقدمة كتبها كل من أ. رياض النقية رئيس التحرير وأ. عبدالله العميرة مستشار التحرير في مقدمة هذا الحوار
وإليكم وقفات مختصرة مع هذا الحوار الصحفي الذي أجري مع سموه بمكتبه بإمارة منطقة الرياض.
- عند سؤال سموه عن «الإسكان الخيري» قال:
« الهدف من جمعية الأمير سلمان للإسكان الخيري، هو تنمية الإنسان، يتقدم لنا في عدد كبير من المواطنين.. ونفحص الملفات، ونختار الأسرة الفقيرة التي لا سكن لها، ولا وظيفة (دون دخل) ولا تعليم.. يعني أسرة معدمة، فيتم إسكان هذه العائلة.. واحتواؤها تماماً، ثم يتم تدريبها على إيجاد مصدر دخل ثابت، وبعد أن يتم تدريب الأسرة في المراكز المتخصصة التي أقيمت داخل المجمعات نفسها، ومساعدتها على إقامة مشروعات صغيرة تدر عائداً طيباً يحقق لها السعادة والعيش الكريم، وبعد الاطمئنان على هذه الأسرة مادياً وصحياً وتعليمياً يتم استبدالها بأسرة أخرى محتاجة، والأسرة التي تم احتواؤها وتجهيزها نضعها على أول الطريق لتندمج في المجتمع وتشق طريقها بنفسها وتواصل حياتها، وتدعم نفسها بنفسها، ومن هنا يأتي التركيز على الجمعية لتنمية الإنسان. فالجمعية لا تقدم السكن وتتركهم عالة بدون أن يكون لهم دور في المجتمع «، من يقرأ هذه السطور بتمعن يجد أنها تحمل رؤية سموه المبكرة لمعمار «الخير» ومعالجة الفقر من جذوره من خلال المعالجة الشاملة لوضع الإسكان الخيري بشكل مبكر جدا بالتركيز على معالجة واعية وشاملة لوضع الأسرة الاقتصادي والتعليمي والمهني، ولا يكتفي سموه من خلال مشروع « الإسكان الخيري» أن يعالج وضع السكن بمعزل عن أسلوب حياة الأسرة المحتاجة ليضمن العلاج الشافي والكافي لوضعها، وهذا منهج ولي العهد في كل مشاريعه الخيرية التي تعتمد على إعادة «معمار» النظرة التقليدية ليصبح عمل الخير أسلوب حياة قبل أن يكون خطوة علاجية مؤقتة.
- وعندما سئل سموه عن تجربته في هيئة الخبراء بالديوان الملكي قال:» إن تخصصي قانون، وهيئة الخبراء هي المطبخ القانوني لمجلس الوزراء، وعملي هناك خلال الفترة الماضية قبل أن أنتقل إلى العمل في إمارة منطقة الرياض مكنني من الاطلاع على كل ما يجري في هيئة الخبراء، وتمكنت من تجربة مفيدة جدا، بالممارسة والاحتكاك بالكفاءات وأهل الخبرة «، هنا يتضح إيمان سموه الأصيل بأهمية الاحتكاك بالكفاءات ومجالسة أهل الخبرة والرواد لدورها الكبير في استلهام تجارب نجاح وقصص إبداع ذوي الاختصاص.
- في هذا الحوار سئل سموه عن « تقييم الرياض من الناحية التنافسية» من خلال موقعه «الأمين العام لمركز الرياض للتنافسية «فقال: «الرياض من العواصم العالمية المتقدمة حضاريا، ورغم دخولنا التنافسية في وقت قريب.. حققنا مراكز في التصنيف العالمي، وما زلنا نسعى لإيجاد جهاز يعنى بالتواصل مع القائمين على مجموعة المؤشرات الدولية، لدراسة معايير وأسس التقييم، ومع أسبقية مدن عالمية وخبرتها في العناية بنقاط القدرة، إلا أن «الرياض» حققت مراكز جيدة، كما ذكرت ففي مؤشر التجارة العالمي حققت الرياض المرتبة (69) من أصل (75) مدينة، وفي مؤشرات مستوى المعيشة حققت الرياض المرتبة (158) من أصل (215) مدينة متنافسة وفي مسحة مستوى حسن المعيشة حصلت الرياض على المرتبة (111) من أصل (140) مدينة «، بعد قراءة هذه الأسطر من حوار سموه يتأكد للجميع احترام سموه للغة الأرقام بشكل مبكر، وهذا يذكرني بكلمة سموه المعروفة: «لا تصدقوني... صدقوا الأرقام»؛ والتي أصبحت علامة فارقة لمنهجه في الإدارة والاجتماعات التنفيذية على كافة المستويات، بل والتعامل مع وسائل الإعلام المحلية والعالمية عند الحديث عن مبادرات المملكة التي يميزها على مستوى العالم لغة الأرقام.
- عبارة ختم بها سموه حواره مع مجلة «إمارة» قبل 13 سنة يتحدث بكل ثقة عن مستقبل مدينة الرياض ويرسم مستقبلها برؤية القائد: «في النهاية نريد تعزيز اسم الرياض بصفتها مركز ثقل اقتصادي واستثماري عالمي، وزيادة مستوى الرخاء وتحسين مستوى المعيشة، وتحسين جودة البنية التحتية، واستقطاب الشركات العالمية والمحلية للاستثمار في الانشطة الاقتصادية «، وهذا ما نراه الآن في سماء وأرض «الرياض» واقعا معاشا، حيث شهدنا عودة جميع الشركات والقنوات الإعلامية الى الرياض، وكذلك تنافس الشركات العالمية على حجز موقع لها في عاصمة القرار والاقتصاد، وهذا يترجم مقولة ملهم الرؤية: «الشرق الأوسط هو أوروبا الجديدة».
- كما أتذكر حرص سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -أيده الله- عند حضوره الاجتماع السنوي لمجلس أمناء مؤسسة حمد الجاسر الخيرية في منزل الفقيد حمد الجاسر -رحمه الله- «دارة العرب» بحي الورود في مدينة الرياض، أتذكر حرصه على اصطحاب بعض أبنائه الأمراء لحضور مثل هذا الاجتماع الخيري السنوي الذي يضم على هامشه عدداً من رجالات الثقافة والفكر والإعلام وأذكر أن ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- قد حضر بعضاً من تلك الاجتماعات بمنزل حمد الجاسر -رحمه الله- ليستمع ويجالس رجالات العلم والثقافة والفكر بصحبة والده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان عاشق التأريخ والثقافة والأدب.