سمر المقرن
إن المواقف العصيبة والأحداث السيئة لا يخلو منها زمان ولا مكان، ويتعرض لها كل الأشخاص: مثل المرض أو الإخفاق الدراسي أو الفشل في علاقة فهي أحد نواميس الكون ومواجهتها تكون بتحمل المسؤولية والسعي للتغير، هذا ما يؤمن به أصحاب عقلية الناجي.. أما المنتمون إلى عقلية الضحية أملا في حصد شفقة الآخرين عليهم أو بتعرضهم لخذلان أسكنهم في أدوار الضحايا فيتخيلون أنهم ضحايا دوماً وأنهم مقصودون بالسيء، ولا أمل ولا نجاة، فيركنون لليأس الأبدي ويتيهون في غياهب جُب الضياع إلى الأبد، أو كما يقول ستيف مارابولي: «عقلية الضحية ستجعلك ترقص مع الشيطان ثم تشتكي أنك في الجحيم».
قد أرسم حدثاً من هذا النوع لكم عبر مخيلتي الواقعية، أن «أحداً» يمر على شخصين فيواجهانه إما بشخصية الضحية أو شخصية الناجي تماما، فنصنع منه (فحماً) أو (ماس) لأن الإثنين يحتويان على نفس الذرات الفرق في إعادة الترتيب! أما عقلية الضحية فهو الشخص الذي دوما يلقي بأخطائه وكوارثه على الآخرين، وهذا لن يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام في حياته.
أما عقلية الناجي فهو الذي يعترف بأخطائه فيتقبلها ويعترف بها، وينظر لنصف الكوب المملوء فيطور من نفسه ويتعلم من أخطائه ويجعل منها هرماً يقف في أعلى قمته ويرى من خلاله العالم من حوله.
هذه الفكرة موجودة بإسهاب في كتاب (لا تعش دور الضحية) للكاتبة ماكساين شنال التي أوضحت إن عقلية الضحية لا يشعر بالرضا أبداً ويظل يتحرك محلك سر، أما عقلية الناجي فهي التي تتقبل الأخطاء وتشعر بالرضا في الحال فيتحرك دوما إلى الأمام.
تخيل معي، أن شخصاً يسير في الشارع فيقع في حفرة وبدلاً من أن يحاول النجاة والخروج منها يصرخ ويشتكي عمن تسبب في هذه الحفرة! بلا شك سيظل قابعاً في قاع الحفرة بعقلية الضحية التي يملؤها التشاؤم متيقناً أن السيء فقط قادم، وأن سبب فشله هم الاخرون دوماً! وأنه لا أمل في التغيير؛ رافعاً لواء السلبية في ضيق وشظف وسواد، هذه الفئة عادة لا يتغيرون ويستمرون بنفس الشخصية بلا أي تطور، وأحياناً يصابون بحالات مرضية تجعلهم يستمتعون بلعب دور الضحية، وبإلقاء اللوم على الآخرين والهجوم عليهم، فلربما يتعاطف معهم البعض، إنهم أشبه بالأطفال الذين أفسدهم التدليل دون الاعتماد على أنفسهم، فإذا ما واجهوا ظرفاً قهرياً أو حياة تتطلب أن يعتمدوا فيها على أنفسهم سقطوا ضحايا لعقلية الضحية التي تلقي باللوم على الآخرين، وتظل طوال حياتها في القاع السرمدي الأبدي؛ لأنهم استمرأوا أدوار الضحايا فحصدوا الريح!