د. محمد بن صقر
كنا قد كتبنا إبان بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أن هناك حرباً إعلامية لكسب الرأي العام الإعلامي ولتبرير الأعمال الهمجية للكيان الصهيوني ولمواجهة ذلك كان لا بد من تحرك الإعلام العربي والمنظمات والشخصيات أن توجه بوصلتها لتحريك الشعوب الغربية والأمريكية والعالمية لنصرة الشعب الفلسطيني وبمكينة إعلامية تعرض الحقائق وتكشف التفاصيل للرأي العام العالمي عبر قنوات مختلفة من مراكز الدراسات وملتقيات وندوات وجامعات وشخصيات مؤثّرة وتلك القنوات التي تؤثّر في الجماهير الغربية وتحرّك المنظمات الحقوقية ومنظمات الضغط الدولي، كذلك التركيز على الشعب الإسرائيلي وإظهار حقائق أفعال السلطة لديه وعرضها للرأي العام العالمي وبناء سرديات إعلامية هدفها كشف الحقائق بالأدلة والبراهين.
وهذا ما نجده اليوم سواء كان بتخطيط أو بردة فعل على الأعمال الهمجية من هذا الكيان الغاصب من مظاهرات في أروقة الجامعات الأمريكية مثل حرم جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك وجامعة نيويورك (NYU) ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) ويال وغيرها
كذلك احتجاجات ومعارضات من قبل شخصيات إعلامية وأكاديمية وفنية أصبحت تؤمن بالقضية الفلسطينية وتعبر عنها في القنوات الفضائية الغربية وفي لقاءاتها ونقاشاتها فأصبحت القضية الفلسطينية هي قضية الإنسان الحر العالمي وأيقونة للبحث عن العدالة العالمية والحقوق الإنسانية وهذا ما جعل المكينة الإعلامية الإسرائيلية والخطابات الموجهة إلى شعوب العالم وإلى الجماهير الغربية بالتحديد من قبل قيادية الحكومة الإسرائيلية لخلق تعبئة جماهيرية ضد الشعب الفلسطيني أصبحت هزيلة وفاضحة وغير مؤثرة لأن الأفعال على الأرض من تدمير وتهجير وقتل للأطفال والنساء لا يمكن أن يكون عنوان لحق الدفاع عن النفس التي تمارسه إسرائيل، بل هو عنوان لاعتداء وإزالة عنصرية وكراهية في حق شعب يريد الحياه الكريمة. إن المعارك لم تعد على الأرض فقط، بل أصبحت تدار من خلال التغطيات الإعلامية وجماعات الضغط، وهذا ما ينبغي أن تقوم به القنوات العربية والشخصيات السياسة والفكرية والثقافية, فعندما تكتمل الصورة لدى الجماهير الغربية وكذلك الجماهير الإسرائيلية مما يعيشه الشعب الفلسطيني تبدأ بتحرك لتتحقق من ما تراه مما خلال قنواتها ومفكريها ومثقفيها وهنا يصبح دور الإعلامي العربي الذي لا بد ألا يقتصر فقط على تغطية، بل بتعبئة من خلال الوصول إلى هؤلاء العقلاء والمفكرين وعرض أصواتهم لجماهيرهم وبلغاتهم، كذلك لا بد من بناء ملتقيات ومؤتمرات في الجامعات والمنظمات الدولية ومراكز الدراسات وحشد التأييد الجماهيري والبحث عن الأصوات المؤثرة من اقتصاديين وشركات عملاقة للضغط على هذا الكيان. إن بعض الانشقاقات في الرأي داخل هذا الكيان مؤشر إيجابي لقوة تأثير الرأي العام العالمي على قرارات هذا الكيان الغاصب الذي بدأ يشعر أنه منبوذ من قبل الجماهير الحرة في العالم، كذلك أصبح خطابه الإعلامي مثالاً لتضليل والتعتيم وصناعة تجهيل مبرمج لشعوب العالم.