سليمان الجعيلان
يُحكى أن شاباً شجاعاً وقوياً ومقداماً كان يسكن في قرية صغيرة ونشأ بين عائلة مرموقة ومثقفة، وتربى في بيئة محفزة ومشجعة على النجاح والتفوق، واستطاع هذا الشاب اليافع بفضل هذه العائلة وهذه البيئة ان يتغلب على جميع التحديات والعقبات التي وضعت أمامه، وان يتخطى كل الصعوبات والمعوقات التي زرعت في طريقه، وان يشق طريقه بقوة نحو تحقيق أهدافه دون أن يتأثر بالمحاولات والحركات التي سعت لتقويض نجاحاته حتى استطاع هذا الشاب المتفوق أن يتبوأ مكانة رفيعة وعالية في قريته ومجتمعه وبين أقرانه ونظرائه.
ولما نمت وتوسعت هذه القرية الصغيرة بأهدافها وغاياتها لم يتوقف هذا الشاب الطموح بل على العكس تماماً سار وساير تلك الأهداف والغايات، ولم يكتف هذا الشاب القوي عند هذا الحد بل حتى عندما احتاجت قريته الكبيرة إلى من يمثلها ويتحدث باسمها عند الآخرين تصدر وتصدى هذا الشاب الشجاع بكل شجاعة وجسارة للمهمة، واستطاع أن يدافع بكل بسالة عن اسم قريته ويرفع بكل شموخ علم قريته ليس في محيط القرية فحسب بل وعلى مستوى القارة ومعها، وعندها أطلق عليه المنصفون والعقلانيون في هذه القرية الابن البار.
هذه القصة القصيرة والملهمة تحكي وتحاكي سيرة ومسيرة نادي الهلال منذ تأسيسه ونشأته وحتى تحقيقه لقب الدوري السعودي للمرة الـ19 في تاريخ الهلال بأرقامه القياسية وإحصائياته الاستثنائية في تاريخ الدوري السعودي من حيث عدد الانتصارات وتسجيل الأهداف والتي تبقى منها هدف واحد ويصل فيها الهلال للرقم (100) هدف كأكثر فريق يحقق هذا الرقم منذ انطلاقة الدوري السعودي من حيث عدد الأهداف، أما النقاط فقد استطاع الهلال ان يكسب قبل الجولة الأخيرة من الدوري (93) نقطة وهذا رقم أزعم بل أجزم أنه يصعب تحطيمه في المواسم القادمة، فضلاً عن عدد الانتصارات التي انتصر فيها الهلال بالدوري وهي ( 30 ) انتصارا حتى الآن، وفي رقم لا يمكن ان يحققه إلا الهلال والسبب بكل بساطة لأنه تأسس ونشأ في بيئة وثقافة لا تعرف إلا لغة الانتصارات والصعود للمنصات وتحقيق البطولات دون بكائيات مفتعلة ومناحات مصطنعة !!.
باختصار.. الهلال ثقافة مختلفة ومدرسة متميزة في الإدارة الرياضية؛ فالهلال لم يكن يوماً من الأيام رهينة الجيل الواحد أو الرمز الواحد أو النجم الواحد، والهلال كذلك بإداراته المتعاقبة يعملون لحاضر الهلال إدارياً ويخططون ويبنون لمستقبل الهلال فنياً واستثمارياً انطلاقاً من مفهوم ( نحن ) والبعيد عن ثقافة ( الأنا ).
والهلال أيضاً يمتلك جمهورا واعيا ومثقفا يعرف متى يقيم وكيف يقوم الإخفاق الإداري والفني وهي ما تدفع إدارات الهلال ومدربو الهلال ولاعبو الهلال لتحطيم الكثير من الأرقام وتحقيق المزيد من الألقاب وهي من أوصلت الهلال إلى المقدمة وفرضت وجود الهلال في القمة، ليس على مستوى الرياضة السعودية فحسب بل وعلى مستوى القارة الاسيوية. ولهذا استحق الهلال ان يطلق عليه المنصفون والعقلانيون لقب الابن البار؛ لأن الهلال بكل اختصار نجح في مواكبة مشروع تطور الرياضة السعودية بينما نظرائه وأقرانه الذين تبنوا وتمنوا في بداية الموسم ان ينهار الهلال قد خسروا كالعادة الرهان!.