عبد العزيز الهدلق
المال هو عماد العمل والإنجاز، ولكن المال بلا عقول بشرية تديره بكفاءة لا قيمة له. وقد رأينا في مراحل سابقة متعددة كيف كان هناك أندية تتمتع بملاءات مالية ضخمة، ولكنها ذهبت أدراج الرياح ولم يكن المردود والعائد بحجم تلك الأموال التي صرفت. بسبب افتقاد تلك الأموال للكفاءات البشرية المؤهلة التي تديرها بكفاءة.
وخلال هذا الموسم التي شارف على الختام ضخت الدولة - أيدها الله- ممثلة في وزارة الرياضة عبر برامج دعم الأندية، وكذلك برنامج الاستقطاب أمولاً ضخمة في خزائن الأندية بشكل مباشر، وبشكل غير مباشر عندما تم استقطاب نجوم عالميين، كما لم يحدث من قبل في تاريخ الرياضة السعودية، ولم يحدث حتى على صعيد الرياضة والأندية في المنطقة العربية والآسيوية. وهي خطوة أبهرت العالم وكان لها صداها القوي لدى الاتحادات والأندية الأوروبية.
وللأسف أن المردود من هذا الدعم لم يكن بالشكل المأمول، ففي حين نجحت الإدارة الهلالية نجاحاً باهراً في استثمار دعم الدولة، وإيرادات النادي المليونية وتمكنت من صناعة فريق كروي مميز كان الفارق بينه وبين الآخرين واضحاً جداً، حيث فاز بالسوبر السعودي ثم الدوري، وكان وضوح فارق النقاط في سلم ترتيب فرق الدوري مخيفاً. كشف حقيقة وواقع العمل الإداري بين جميع الأندية. فبعيداً عن الهلال الذي صنع فارقاً مهولاً فإننا نجد نادياً كالتعاون غير المدعوم من برنامج الاستقطاب والذي تعمل إدارته وفق مواردها الذاتية يقتحم المنافسة بقوة ويتفوق على أندية تلقت دعماً لا يقارن بما لدى الإدارة التعاونية، وهذا يثبت مرة أخرى مردود العمل الإداري النوعي، وأن النتائج والمنجزات تصنعها كفاءة العقول وليس المال وحده. وأن المال إذا لم يجد العقول التي تديره وتستثمره بكفاءة فسيتحول إلى هباء.
وسمو الأمير الوليد بن طلال الداعم الأول للهلال منذ عشرات السنين وقبل مرحلة الاحتراف والخصخصة توج وقفاته مع النادي الذي أحبه وعشقه بإهدائه أحد الكفاءات الإدارية والقيادية المتميزة التي تعمل ضمن فريقه الإداري في شركاته الخاصة العملاقة، وهو الأستاذ فهد بن نافل. وكان أثمن هدية وأقوى دعم يقدمه سمو الأمير الوليد بن طلال لنادي الهلال.
حيث شهد النادي خلال فترة ترؤس ابن نافل وحتى اليوم تحقيق العديد من البطولات التي وصلت إلى (10) عشر بطولات في خمس سنوات. وهو رقم قياسي حققه ابن نافل وجعله أفضل رئيس ناد في تاريخ الرياضة السعودية، حيث حقق النادي في عهده بطولة دوري المحترفين (4) مرات، وكأس الملك (2) مرتين، ودوري أبطال آسيا (2) مرتين، وبطولة السوبر السعودي (2) مرتين.
هذا الحديث عن إنجازات الأستاذ فهد بن نافل على صعيد الفريق الأول لكرة القدم، ولو أضيفت بقية الإنجازات في الألعاب الرياضية الأخرى، والفئات السنية، فذلك يحتاج إلى مجلد.
لقد أثبت نادي الهلال من خلال سمو الأمير الوليد بن طلال وهو رجل الأعمال الخبير والمتمرس أنه مهما دعم النادي من مال فلن يحقق المردود الذي يتوقعه ويأمله ما لم يكن هناك عقول وكفاءات بشرية مؤهلة تستثمر هذا المال وتديره بوعي، وكفاءة. لذلك كان اختياره لفهد بن نافل من داخل شركاته هو أول خطوة خطاها سموه، والنادي على أبواب مشروع تطوير وطني كبقية الأندية السعودية. لقد كانت خطوة استباقية من سموه، هيأ من خلالها نادي الهلال لمرحلة الخصخصة والاستثمار بشكل متميز. ومنذ أن بدأت أولى خطوات المشروع حتى اتضح الفارق في العمل والإدارة بين الهلال وغيره.
ومن ينظر لمجريات الأمور والتحولات في الحركة الرياضية السعودية بسطحية كان يصف بداية كل مرحلة «أن الرؤوس تساوت الآن» يقصد بذلك أن مرحلة تفوق الهلال قد انتهت، وبدأت هذه المقولة في موسم 2018 عندما تم تسديد ديون الأندية، ودعمها بصفقات أجنبية إبان رئاسة معالي المستشار تركي آل الشيخ لهيئة الرياضة، وحافظ الهلال على تفوقه وبقيت الأندية الفاشلة تراوح مكانها، وكأن معيار التفوق هو المال فقط.
ثم عادت أسطوانة «تساوت الرؤوس» مرة أخرى بعد استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على الأندية الأربعة الكبرى، ومع ذلك حافظ الهلال على تفوقه وبقي غيره يراوح مكانه.
وما يجب أن يفهمه ويعيه أصحاب عبارة «تساوت الرؤوس» أن المال وحده لا يصنع مساواة ولا تكافؤاً مهما بلغ حجمه، فمن يريد المساواة بالرؤوس مع الهلال عليه أن يستقطب الكفاءات الإدارية المؤهلة، كما يجب عليه أن يتخلى عن الأساليب الإدارية البالية القائمة على المناكفات والادعاءات وتوجيه الاتهامات عند الإخفاقات.
زوايا
** بطولة النخبة الآسيوية القادمة سوف تحرج من يزعمون أن للهلال لقبين فقط في دوري أبطال آسيا وليس أربعة، فوفقاً لزعمهم فإن بطولة النخبة التي ستنطلق الموسم القادم ستبدأ من (الصفر) ولن يحسب ما قبلها من ألقاب حققتها الأندية على اعتبار أنها بطولة جديدة وليست امتداداً لبطولة أبطال الدوري! وإذا قالوا إنها امتداد فقد حصحص الحق. فما رأيكم الآن هل هي بطولة جديدة أم امتداد لما قبلها؟!
** نتائج فريق التعاون هذا الموسم ومركزه في سلم الترتيب أحرج إدارة نادي الاتحاد وأسقط كل حججها الواهية في تفاوت حجم الدعم.
** ما فعله خيسوس مع الهلال ليس مجرد انتصارات وتحقيق بطولة دوري وسوبر، فهذه أشياء اعتاد عليها كبير آسيا، ولكن الشيء الجديد الذي فعله الداهية البرتغالي أنه أدخل الهلال موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
** ردود أفعال الغاضبين من حصول الهلال على شهادة غينيس للأرقام القياسية ساهمت في اتساع نطاق انتشارها.. شكراً لكم.
** نتائج النصر في القسم الثاني من الدوري أمام الفرق التي تصارع على الهبوط كانت خسارة من الرائد، وتعادلين مع الرياض والحزم، وفوزاً صعباً ومن عنق الزجاجة أمام الأخدود! مع فارق الدعم الحكومي ودعم برنامج الاستقطاب.
** انتهى دوري روشن 2024 بأرقام هلالية قياسية ومنها صاحب المباراة الأعلى حضوراً جماهيرياً (59.600) متفرج، (الهلال/ الفيحاء).
** ست مباريات من الجولة الأخيرة في الدوري ليس لها علاقة بالمنافسة على البطولة ولا الهبوط. مجرد تحسين مراكز أو إنهاء مشاركة. فلماذا لم تفصل عدة مباريات عن اليوم الأخير، وتُقام في اليوم قبل الأخير فيما اليوم الختامي للدوري تقام فيه المباريات الثلاث التي تحدد مصير الفرق الهابطة؟! للأسف أن إدارة مسابقات الرابطة لا تتمتع بأي رؤية مرنة تجعلها تتحرك وتتفاعل مع هذه الأمور التي تزيد من إثارة الدوري ومتعته. فهي تطبق اللائحة بشكل أصم.