أ.د.عثمان بن صالح العامر
لإثراء ما طرحته سابقاً حيال مبادرة (اللوبي السعودي) بعثت ما كتبت في هذه الزاوية لثلاثة من الأصدقاء الذين عاشوا في الولايات المتحدة الأمريكية أو المملكة المتحدة (بريطانيا) سنوات طويلة من عمرهم الأكاديمي، حيث درسوا هناك، وخبروا طبيعة عمل اللوبيات وعرفوا عن قرب أثرها في مسار الأحداث، الصديق العزيز سعادة الدكتور حمد بن عقلا العقلا كتب ما نصه (... بناءً على طلبكم الاطلاع على مقالكم الجميل الهادف المتسلسل بخمس مقالات متتالية بدءًا من تاريخ 10/ 5/ 2024 وحتى آخرها في 24/ 5/ 2024 بعنوان «اللوبي السعودي»، وطلبكم منا الاطلاع وإبداء الرأي وحتى النقد. حقيقة استعراضكم للمقال بعناوينه (الدعوة، المبررات، التحديات، المتطلبات، الخطوات) أتاح مشهداً متدرجاً لمقارعة هذا العنوان المهم (اللوبي السعودي) بالتركيز على كل محور على حدة وكأنكم يسّرتم مشهداً تفكيكياً للموضوع، وعلى الرغم من التحفّظ على الاسم أو المصطلح (اللوبي) لتشبع المتلقي العربي بمفهوم هذا اللوبي الذي تثقف به سنوات طويلة وهو مصطلح غير مرغوب فيه غالباً كونه ينحاز إلى دائرة تقع في الأطر السالبة المعادية للثقافة والتكوين العربي مثل؛ اللوبي الصهيوني أو اللوبي النسائي وهكذا من المسميات المسيّسة غربياً وخاصة في الساحة السياسية الغربية والأمريكية.. فحبذا لو وظّف اسم أو مصطلح أو مفردة عربية نابعة من العمق اللغوي العربي الأصيل تفي بالغرض.. نعم في اللغة العربية، يطلق على مجموعات الضغط أو اللوبي اسم «الجماعات الضاغطة» أو «جماعات المصالح».
هذه المجموعات هي منظمات أو تجمعات من الأفراد أو المؤسسات التي تسعى لممارسة نفوذها على صنّاع القرار السياسي والاقتصادي من أجل تحقيق مصالحها الخاصة. وتستخدم هذه الجماعات وسائل مختلفة للتأثير على القرارات السياسية والإدارية وحتى السلوكية، مثل الاتصالات المباشرة مع المسؤولين، والضغط الإعلامي، والتبرعات والتمويل السياسي وما إلى ذلك. وهذا النهج مشبع في التاريخ العربي الطويل.
وبشكل عام، يُنظر إلى هذه الجماعات الضاغطة باعتبارها جزءًا من العملية السياسية والتأثير على صنع القرار، ولكن قد تكون ممارساتها مثيرة للجدل إذا كانت تهدف إلى تحقيق مصالح خاصة على حساب المصلحة العامة وهكذا.
بالمناسبة ...
كثير من الدول تبنّت هذا المصطلح وعملت عليه بطرق مختلفة (بصرف النظر عن المفردة أو المصطلح اللوبي وما إلى ذلك).. فمثلاً اللوبي السعودي في الولايات المتحدة وهو على شكل لجنة لشؤون العلاقات العامة السعودية الأمريكية المعروفة اختصاراً بـ(سابراك) وهي جماعة ضغط سعودية في الولايات المتحدة الأمريكية تم تأسيسها وإطلاقها في 16 مارس 2016 بهدف تحسين صورة سياسات حكومة المملكة العربية السعودية لدى الرأي العام الأمريكي بشكل عام وصانع القرار الأمريكي بشكل خاص، يرأس هذه اللجنة حالياً سلمان الأنصاري ...
على أية حال وعوداً على مقالكم الرائع الجميل بمراحله الخمس.. أجده من حيث:
-1 المبدأ مقال جميل ورائع، بل وهادف ومطلوب على الساحة السياسية والاقتصادية والمجتمعية.
-2 ذكرتم مجموعة من المبررات وهي حقاً في مكانها وقد يضاف إليها المزيد من المبررات.
-3 كما أشرتم إلى مجموعة من التحديات وهذا باب كبير بحاجة إلى تفكيك أكثر.
-4 جزئية المتطلبات في المقال لهذا العنوان الهام بحاجة إلى إضافة أبعاد أخرى خاصة أن الجانب المالي (الدعم المالي المباشر من الدولة) كما تعمل كل الدول بتوظيفها الأموال والميزانيات الداعمة لتلك الأنشطة والبرامج والمشاريع ذات الصلة.. مثلاً:
- هناك مسألة كبيرة في الجانب التنظيمي الهيكلي التخصصي المرتبط بشكل مباشر إلى دائرة البحوث والدراسات ذات العلاقة.. الآن ولله الحمد البلد يزخر بوجود المؤسسات التعليمية الجامعية، فينبغي أن توظف جهود كل الجامعات السعودية الـ(44) جامعة بما فيها الـ(12) جامعة أهلية.. بحيث يتم منهجة تلك الجامعات من خلال تكوين مراكز متخصصة في عمل اللوبيات أو جماعات الضغط وتمنح كل جامعة مجالاً متخصصاً كما أنه من المنطق أن يقسم العالم إلى نواح كما تقوم الأمم المتحدة حالياً بتقسيم أقاليم العالم إلى سبع أقاليم وهي:
-1 أمريكا الجنوبية.
-2 أمريكا الشمالية.
-3 أوروبا.
-4 أفريقيا.
-5 المنطقة العربية أو ما يُعرف بالشرق الأوسط.
-6 آسيا.
-7 منطقة الباسفيك (أستراليا. نيوزيلندا والجزر والدول التابعة لهذا الإقليم).
بهذا التقسيم الجغرافي العالمي يقوم المركز (أي في الجامعة) بالاختصاص بذلك الإقليم والتركيز على كل متطلبات العمل به (السياسي، الاقتصادي، المجتمعي، الإعلامي والثقافي واللغوي وما إلى ذلك).
مثل هذا التصور لا بد من وجود أب يحتضن هذا التنظيم والهيكلية الكبيرة، إضافة إلى أهمية مسألة انتقاء العنصر البشري الممكن توظيفه أو استيعابه في هذا المحضن الكبير متعدد التخصصات والمجالات المختلفة ... إلخ. البلد حالياً يزخر بالعديد من الطاقات المتقاعدة وغير الموظفة والمستفاد منها..
- نقطة مهمة هنا.. أن مشروعاً كهذا يفضّل تبنيه من شخصية قرار عليا..
فهو مثل المحاور الرئيسة في التنمية (التعليم، الصحة، المجتمع، البيئة ويضاف لها هذا البعد الخامس «جماعات الضغط») من الملاحظ أن الدول التي ارتقت بنظامها التعليمي تجد أن رئيس الدولة أو البرلمان أو من في حكمهم إذا تولى زمام الأمور في العملية التطويرية للتعليم سرعان ما ينهض القطاع بتسارع، والسبب أن هناك أموراً متداخلة في هذا السياق تفوق صلاحية الوزير المختص.. وأرى أن مشروعاً كهذا «اللوبي» بحاجة ماسة إلى قوّة قرار متمكنة من تحقيق المسائل الأخرى المتعددة ذات الصلة.. وهكذا
نعم هذا موضوع (اللوبي) شائك وكبير والبلد في هذه المرحلة بحاجة إلى تعزيز الصورة الذهنية في مواقع مختلفة، مما يجعل المشروع له وزنه وثقله الخاص.. دمتم يألف خير.. تحياتي.
- ويكتب الصديق العزيز سعادة المهندس عقيل بن محسن العنزي ما نصه: (.. قرأت بمتعة شديدة ما كتبته أبو صالح من طرح فكري جميل ونسج أدبي رائع وأسلوب إعلامي متفرد، يعكس مهنيتكم الإعلامية العالية وعمق رؤيتكم كمفكر وأديب ورجل تعليم من الطراز الأول له بصماته الواضحة في الوطن والمجتمع.
أما مشروع (اللوبي السعودي) أو لنسميه بيت الفكر السعودي على غرار المصطلح الأجنبي think tanks لنخرج من حساسية (اللوبيهات) فهو مشروع رائد وجبار وأضحى ملحاً وضرورياً للتعريف بهذا الوطن الجميل وقيادته الحكيمة والواعية وأهله المبدعون وطاقاته البشرية الموهوبة والتي أوجدت بصمة عالمية متميزة في شتى المجالات العلمية والتقنية والاقتصادية.. هذا التجمع الفكري بمواصفاته التي ذكرتها في مقالاتك من المفترض أن يكون أيضاً في المناطق (بيت خبرة) للمساهمة في تقديم الاستشارات واقتراح البرامج والرؤى لأمير المنطقة.
المشروع ضخم ويحتاج إلى إستراتيجيات وخارطة طريق ودعم من القيادة مادياً ومعنوياً حتى يثمر ويصبح بالفعل قوة ناعمة مؤثّرة وفاعلة. وتقبل ودي.
شكراً للصديقين على هذا الإثراء الجميل والرائع، وإلى لقاء، والسلام.