سهوب بغدادي
استمعت قبل مدة إلى أحد البرامج الصباحية على إحدى الإذاعات العربية، وطرح من خلاله موضوعًا للنقاش حول الصديق، وطرق إيجاده في الحياة، فبعد دقائق معدودة من الطرح، تبيّن أن الصداقة هاجس كبير لدى العديد من الأشخاص، فالأغلب يبحث عن ذلك الصديق الصدوق والرفيق الطيب الذي يشاركك الافراح والمسرات والأحزان احتمالًا-حمانا الله وإياكم من كل مكروه- وقس على موضوع الصداقة والبحث عن صديق، في نواحي مختلفة في الحياة، إذ يبحث الإنسان بدايةً منذ نعومة اظافره عن صديق، ثم يبحث عن وظيفة، بعدها يبحث عن شريك حياة، وتمتد القائمة التي لا حصر لها، لابأس في البحث بحد ذاته، إلا أن بلورة إشكالية من لا شيء أمر غير هين، ليتحول المراد من رغبة إلى هاجس، وقد يصل الشخص إلى أقصى مراحل الهوس بالأشياء والأسوأ الأشخاص، فلا شيء في النهاية يستلزم الانشغال به جل الوقت سوى الانشغال بالذات وتطويرها وتهذيبها، فالأجدى أن نستبدل البحث بالسعي وراء المطلوب، مع عدم الإحساس بلزوم تحقيق الأمر، واشتراط ذلك على النفس، وإلا الحياة ستكون ناقصة وبها فجوة! إن فعل البحث يتعدى بالشخص من الحاضر إلى المستقبل، ويقترن لزامًا بالحصول على النتائج، لذا يصاب الباحث بالتعب والاحتراق وخيبة الأمل، وما إلى ذلك، فما شكل حياتنا إذا توقفنا عن البحث وتطلعنا من خلال السعي والتوكل على الرزق المكتوب في أجله المعلوم؟ رزقكم الله الحياة الطيبة.
«لن تحصل على شيء كامل، ستحصل على أشياء ناقصة تكتمل برضاك» «الشيخ الشعراوي».