د. محمد بن عبدالله السويد
يمكن أن يكون اختيار التخصص أمرًا صعبًا، خاصة إذا كان لدى المقبلين على الدراسة الجامعية شغف متعدد أو عدم معرفة في نوع المهنة التي يريدونها في المستقبل. ووفقًا لدراسة أجرتها مؤسسة Best Colleges الأمريكية في عام 2020 أن 3 من كل 5 خريجين جامعيين سيغيرون تخصصاتهم إذا عاد بهم الزمن في اختيار التخصص الذي يواكب تطلعاتهم وشغفهم. لذا؛ يجب مراعاة عدة عوامل، بما في ذلك مدة الدراسة، ومزايا الراتب، وفرص التطوير الأكاديمي والمهني والمهاري بعد التخرج، ومعدلات التوظيف. فضلاً عن ذلك، يجب التفكير في الجوانب الشخصية والأهداف الأكاديمية والمهنية.
حيث تلبي التخصصات والدرجات العلمية الأكثر طلبًا احتياجات محددة لن تختفي في المستقبل. سنحتاج دائمًا إلى الأطباء ومتخصصي الرعاية الصحية والمهندسين والاقتصاديين. قد تتغير الأدوار والمسؤوليات الوظيفية، لكن تلك التخصصات والمهن لن تختفي. الطلبة الذين يختارون المهن التي تفيد مستقبل مجتمعهم هم الذين يتمتعون بأفضل إمكانات التوظيف في المستقبل. وليس بالضرورة أن بعض التخصصات التي عليها إقبال كبير من الطلبة في الوقت الحاضر، سوف تكون ذات قيمة كبيرة بعد عدة سنوات. لذا يجب مراعاة تخصصات ومهارات المستقبل للحصول على فرص كبيرة في سوق العمل المتغير بوتيرة متسارعة، حيث إن هناك من التخصصات الجامعية أصبحت أو سوف تصبح من الماضي، ولن يكون لها مكانة عالية في سوق العمل المستقبلي. كما أن فهم مهارات ومواهب الطلبة يمكن أن يقطع شوطًا كبيرًا في المساعدة على اتخاذ قرار صائب عند اختيار التخصص.
قد يكون حلم الوالدين والأهل مختلفًا عمّا يناسب الطالب، قد يكون هناك مؤثرات خارجية للترويج لبعض التخصصات غير المتوافقة مع شغف الطالب. لذلك، تعتبر أفضل طرق تحديد المجالات الأكاديمية التي تناسب الطالب بشكل أفضل هي إلقاء نظرة فاحصة على نتائج الدرجات في المرحلة الثانوية ونتائج اختبارات القدرات والتحصيل الدراسي، ويمكن أن يؤدي القيام بذلك إلى إبراز نقاط القوة في مجالات أكاديمية محددة.
لقد وجدت الدراسات أن الطلاب يميلون إلى الأداء بشكل أفضل في التعليم العام عندما يتمكنون من التركيز على اهتماماتهم، ولكن لسوء الحظ، ليس من السهل دائمًا على الأشخاص تحديد اهتماماتهم. كما أن تحديد الأولويات عند الطلبة لاختيار التخصص الجامعي تعتبر إحدى الطرق الناجحة في الاختيار الصحيح، مثل الراتب المحتمل والطلب على الوظيفة والتطوير المهني في مجال التخصص، لذا؛ يجب أن يختار الطلبة التخصصات التي لديهم شغف بها، أو يتمتعون بمهارات عالية فيها. وللحصول على مساعدة على هذا الأمر، يُفضّل التفكير في إجراء اختبار شخصي، على سبيل المثال، يمكن أن يساعد استبانة مؤشر النوع Myers-Briggs في تحديد التخصصات والمجالات التي تتوافق بشكل وثيق مع الشخصية والاهتمامات. كما يمكن أيضًا استكشاف المجالات المحتملة للدراسة والمسارات المهنية من خلال الانضمام إلى الأندية الطلابية، أو العمل التطوعي، أو الزيارات المتكررة للجامعات والكليات المستهدفة، أو إدارة عمل جانبي، أو المشاركة في التدريب التعاوني في المجالات المتوقع أن تكون مستهدفة ومتوافقة مع الطالب. كما يفترض أن الجوانب الاجتماعية حول الطلبة تؤثر في اتخاذ القرار في التخصص ومدة الدراسة، قد تبدو بعض التخصصات أصعب من غيرها؛ بسبب عوامل مثل ثقل الواجبات المنزلية وتوقعات المقرر الدراسي وتكرار الاختبارات. وستشكل الفصول الدراسية في تخصص ما جزءًا كبيرًا من عبء المقرر الدراسي مما قد لا يتوافق مع الظروف المحيطة عند بعض الطلبة. قبل أن يُختار التخصص، يجب أن يتأكد الطلبة فهم مدى صعوبة عبء العمل الدراسي الأسبوعي. وحدد المسح الشامل على طلبة جامعة إنديانا بلومينغتون الأمريكية (Indiana Bloomington University) في عام 2016 التخصصات الأكثر صعوبة بناءً على متوسط الوقت الذي يقضيه الطلبة أسبوعيًّا في التحضير للفصول الدراسية. وشملت أصعب التخصصات الهندسة المعمارية والهندسة الكيميائية وهندسة الطيران والطب. أما التخصصات الأسهل، والتي تتطلب عادة وقتاً أقل للتحضير، فقد شملت مجالات مثل العدالة الجنائية (القانون والحقوق)، وإدارة الأعمال، والعلاقات العامة.
اختيار التخصص الجامعي للطلبة المقبلين على الدراسة الجامعية يجب أن يكون بعد التفكير العميق بما يملكه الفرد من مهارات ورؤية مستقبلية، وذلك لتحقيق مزايا عديدة مثل زيادة فرص العمل وتعزيز الاستمرارية، والاستمتاع في بيئة العمل، وتعزيز النمو الشخصي والمهاري، وزيادة في الدخل المادي المستدام. كما أن هناك سبلاً تساعد على الاختيار المثالي، مثل مستهدفات وبرامج رؤية المملكة 2030 والخدمات الاستشارية من أصحاب الخبرة الواسعة في تخصصات ومهارات المستقبل، وبعض منصات تحديد الأهداف الشخصية والمهارات الكامنة، وأيضًا بعض المؤسسات الموثوقة التي تقوم على تحديد تخصصات المستقبل.