سهام القحطاني
«مصادر التعليم أصبحت اليوم مفتوحة والتركيز الآن على المهارات»-سمو ولي العهد محمد بن سلمان-
في تغريدة للأستاذة المبدعة «ابتسام الجبرين» بخصوص إشكالية غياب الطالب/ة رأت أن معالجة ظاهرة الغياب لابد أن تنطلق من خلال استثمار شغف الطالب/ة» و «وضع فعاليات كل خميس وأنشطة ترفيهية محببة للنفس، بحيث تجعل الطالب يحرص على الحضور نهاية الأسبوع»، وأنا اتفق مع الأستاذة ابتسام في هذه الرؤية لمعالجة ظاهرة الغياب.
لا أحد ينكر أن ظاهرة الغياب المدرسي، هي من أهم الظواهر الشائعة في المدارس، وهي ظاهرة جديرة بالدراسة بعيدًا عن «أسلوب اللوم» الذي يُلقى عادة على عاتق المعلم/ة أو الطالب/ة، و بعيدا عن «أسلوب العقاب و التهديد بالدرجات»، ،فلا يملك المعلم/ة سلطة الفرض على الطالب/ة للحضور إلى المدرسة،ولا يُلوى» ذراع الطالب/ة بالتهديد و العقاب لتحقيق الانضباط، ولو تحقق ذلك فما الفائدة من الحضور الإجباري للطالب/ة دون رغبته، فالفائدة من متعة التعليم هاهنا لن تحقق.
إذن لابد من رؤية مختلفة لهذه الظاهرة، تبدأ من حيث تبدأ كل الحلول الناجحة؛ أي معرفة أسباب الغياب الجماعي للطلاب والطالبات وخاصة يوم الخميس وما قبل الإجازات، وهذه المعرفة لابدّ أن تكون مبنية على دراسة استقصائية، حتى نتمكن من إيجاد الحلّ المناسب بعيدا عن الفكرة الشائعة بأن ذلك هو إهمال من قبل الطالب/ة وعدم تحمّل المسؤولية.
وغياب نتائج الدراسات الاستقصائية الحيّة لهذه الظاهرة لا تُمكن المدارس في إيجاد حلول ناجحة للحدّ من ظاهرة الغياب أو حلّها كليّا.
وأظن أن «غياب الشغف» أهم أسباب هذه الظاهرة،وقد يرى البعض أن الانضباط المدرسي هو واجب على الطالب/ة و ليس متروكًا لحافز الشغف،وهذا الرأي صحيح بالنسبة للناضجين، لكن بالنسبة للطالب/ة في مختلف مراحلهما العمريّة و خصائص النمو المتغيرة ،لا يمكن إقرار ضابط المسؤولية كمؤشر أحادي لقيمة الواجب ،مالم يكن هناك ما يجذب هذا الطالب/ة وفق خصائص نموهما ،التي تحتاج إلى أكثر من الربط بمقاعد الفصول الدراسية لمدة سبع ساعات يوميّا.
وبذلك فنحن نتحدث عن زمرة من العوامل التي تجذب الطالب/ة إلى المدرسة لا تجبرهما عليها، إلى سلة من المقترحات التي توفر للطالب/ة بيئة جاذبة تتمتع بخصائص الشغف، وليس في ذلك عيب؛ بأن نسعى أن تكون مدارسنا أشبه بالمنتجعات.
وزمرة الجواذب أو سلة المقترحات لابد أن تٌبنى على معرفة استقصائية لأسباب غياب الطالب/ة عن المدرسة، ولعل كل مدرسة تتفاوت نسب أسباب الغياب ما بين المواصلات وطرائق التدريس وغياب مرافقات الأنشطة و فعالياتها.
وهو ما يعني أن خطة جذب الطالب/ة إلى المدرسة قد تختلف من مدرسة إلى مدرسة.
ولعل تفكيك مركزية المدارس بالوزارة من خلال «تمكين المدارس» يمنح المدارس حرية تصميم الخطط وبرامجها وتكبير سلة الجواذب، لتشمل:
*تخصيص لجان لدراسة الظواهر التعليمية سواء على مستوى المدرسة أو مكاتب التعليم، لجان تتميز بتفكير إبداعي.
* مشاركة ولي الأمر، والطالب/ة في تأسيس الخطط العلاجية والتحفيزية من خلال أراهما لأسباب نشوء الظواهر المتعلقة بهما واقتراحات حلول لمعالجة هذه الظواهر.
*مرونة المدير/ة والبعد عن فكرة «أن المدير الصارم يساوي مدرسة نظامية» فبعض المديرين من الجنسين يتعاملون مع الطالب/ة و كأنهما في معتقلات، ظنًا أن هذا الأسلوب يعلمهما النظام و الانضباط، ثم يقولان لهما «المدرسة بيتك الثاني» الطالب/ة في بيتهما يتحركان بحرية يمارسان أنشطتهم بجرية يشاهدان التلفاز و يستضيفان أصدقائهما،فإذا أردنا أن يؤمن الطالب/ة بأن المدرسة بيتهما الثاني الذي لا يغيبان عنهما فلنجعل المدرسة واقعًا موازيًا للبيت و ليس مجرد عبارة إنشائية نستدرج بها الطالب/ة وجدانيا».
*تقليص وقت الحصة في الأيام التي تزاد فيها نسبة الغياب، والاستفادة من ذلك التقليص في فعاليات الأنشطة المختلفة.
*استضافة المشهورين والمشهورات في الأيام التي ترتفع فيها نسبة الغياب لجذب الطالب/ة
*توطين الثقافة السينمائية في المدارس وتخصيص حصة أو حصتين لعرض أفلام سينمائية.
*توطين الثقافة الموسيقية في المدارس والحفلات الموسيقية واستضافة بعض الموسيقيين والموسيقيات.
*السماح للطالب/ة بإحضار أجهزتهما الحاسوبية وتفعيل الألعاب والأنشطة الجماعية من خلالها، وخاصة في الابتدائية.
*السماح للطالب/ة باستضافة أصدقائهما وإقامة حفلات الشاي في المدرسة.
*تخصيص يوم الخميس للاحتفاء بأي مظهر نشاطي كيوم صناعة الكيك، تنسيق الزهور، يوم اليوغا وغيرها في هذا المجال.
مع الأخذ في الاعتبار، وهو المهم، أن سلة تلك الجواذب لا بد أن تنطلق من خطة استراتيجية تٌبنى على أهداف سلوكية ومنظومة تعزيز قيميّة متنوعة، واستثمار المهارات التعليمية للطالب/ة؛ لاكتشاف قدراتهما الإبداعية والابتكارية.