سلمان بن محمد العُمري
من أكثر المفردات التي تمر علينا في تعاملاتنا اليومية ويتم تداولها على نطاق واسع كتابةً وقراءةً وتعاملاً يومياً في سائر المواقف (السلبية والإيجابية) وبقدر ما أحب هذه الكلمة الأخيرة فلها المقام الأعلى عندي، وأود الحديث عنها لا سواها فإذا ما عززناها في مكاتباتنا وأحاديثنا وتعاملاتنا زالت الكلمة الأخرى ليس من قاموسنا اللغوي فحسب بل في تعاملاتنا مع الآخرين.
الشخصية الإيجابية هي التي تجعل لها أثراً طيباً لدى الآخرين في القول أو العمل على حدٍّ سواء، ويكون لها بصمة تترك أثراً، ولديها رساله سامية مضمونها حب الخير للغير من خلال نشر كل ما هو إيجابي في الحياة حتى في أحلك الظروف؛ فالكلمة الطيبة وعمل الخير كالبلسم الشافي على كل من يعاني من ظروف أو أزمة أو صعوبات أو يشكو من الألم والمعاناة، والشخصيات الإيجابية تفجر الطاقة وتصنع التميز والإبداع.
ومن استطاع أن ينشر أموراً إيجابية ويُهدئ من روع الناس في بعض الظروف الصعبة فليفعل؛ فالدعم النفسي مهم جداً في المساعدة على العلاج من الأمراض، والحالة النفسية السيئة قد تؤثر سلباً على المناعة.
قال صلى الله عليه وسلم: (ادْعُوا الناسَ وبَشِّرُوا ولا تُنَفِّرُوا ويَسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا).
وهذا جانب مهم يغفل عنه الكثير في ظلّ استغلال الأزمات لترويج الهلع والخوف لدى الناس، سيما بعض الناس التي تفتقد وتفتقر لترشيد المشاعر والموازنة بين ثقافة التعامل مع الأحداث وترجيح جانب على حساب جانب آخر.
وواجبات المسلم في ضوء الفقه الرشيد بالمشاعر ليست محدودة بتلكم العبادات المحسوسة وإنما تمتد إلى مكنون قلبي ومعتقد يعزز التعظيم لها تعظيماً يظهر تقوى القلوب، ولعل ما نقرأه ونسمعه في بعض وسائط التواصل الاجتماعي من تحسر وزفرات صورة لتلك السلبية الممقوتة التي لا تشيع التفاؤل والإيجابية؛ فمهما كانت الظروف قاسية وصعبة فهذا لا يبرر استدعاء المشاعر السلبية المحزنة، ويقع على الوالدين والعلماء والدعاة والأئمة والخطباء والمعلمين والدعاة مسؤولية حماية المجتمع من الأفكار السلبية التي دمرت النفسيات وزرعت الإحباط في النفوس.
إذا لم تستطع أن تكون قلماً لكتابة السعادة للآخرين؛ فكن ممحاة لطيفة تمحو بها أحزانهم، وتبث الأمل والتفاؤل في نفوسهم، بأن القادم أجمل بإذن الله، وما أجمل الكلمة الطيبة والعمل الطيب والنفوس الجميلة التي تبعث الطمأنينة بأقوالها وأفعالها وتحسن إلى الناس قولاً وعملاً، وما أجمل أن يترك الإنسان أثراً إيجابياً في نفوس الناس ويأسر القلوب والمشاعر وخصوصاً عندما يكون الإنسان بحاجة لكلمات طيبة واستجابة لمطالبه فيجد نفوساً وقلوباً واعية قبل الآذان الصاغية، وكما قيل الكلمات الطيبة زهور لا تذبل أوراقها ولا يموت عبيرها فانثرها على الطرقات، والكلمة الطيبة شجرة مورقة إذا وقعت في القلب أحيته، وهي أعذب من الماء البارد.
خاتمة:
لا تنتظر ممن أحسنت إليه بأي إحسانٍ دعاءً ولا ثناءً ولا غير ذلك، بل انتظر ثوابك من الله، ويكفيك أن ربك شاكر عليم.
قال ابن تيمية -رحمه الله-:
ومَن طلَب من العبادِ العوضَ ثناءً أو دعاءً أو غير ذلك لم يكن محسناً إليهم لله.