عمر إبراهيم الرشيد
* قضيت فترة من حياتي الوظيفية في العمل بأحد أكبر المستشفيات بالمملكة مترجماً طبياً، ومن الأطباء الذين عملت معهم كان طبيب كندي في غاية المهنية والهدوء والتعامل الراقي مع كل من حوله. كنت مرة أتجاذب أطراف الحديث معه عن مهنة الطب، فقال لي عبارة لاتزال تتردد في ذاكرتي ولم تمح منها (أنا محظوظ لأني أعشق مهنتي).
حقيقة أدركت حينها تأثير الشغف ودوره الأول في التميز في كل ما يعمله الإنسان، وسر تلك الشخصية المهنية والرزينة لذلك الطبيب، وطريقة تعامله مع المرضى وبالأخص في قسم الطوارئ وهو أصعب الأقسام حيث يستقبل جميع الحالات ومختلف العقليات والنفسيات ومستويات التفكير، مع حالات الطوارئ والإصابات الخفيفة والخطيرة على السواء.
* شاهدت مباراة فريقي العاصمة على كأس خادم الحرمين الشريفين الجمعة الفائتة، بأحداثها الكروية الصاخبة والدرامية ونتيجتها المدوية، على أن غالبية الجمهور وأنا واحد منهم قد توقع فوز النصر على منافسه الهلال بالنظر إلى مجريات المباراة في شوطها الثاني تحديداً.
لكن أكثر أحداث المباراة لفتاً لمتابعة الملايين عبر مختلف القنوات الناقلة لهذه المباراة الكبيرة، في رأيي، كان مشهد اللاعب الدولي البرتغالي كرستيانو رونالدو وهو يذرف الدمع غزيراً لخسارة فريقه لهذه المباراة. وقد يجادل و يقول بعضهم بأن بكاءه إنما هو لخسارته هو ولسجله الكروي، فأقول حتى لو افترضنا صحة هذا الادعاء، فيبقى حرص هذا اللاعب وشغفه بالانتصار والنجاح مدعاة لاحترامه حقيقة، والتماس النبل والفروسية الرياضية من خلال تلك الدموع الغزيرة، ومرة أخرى أقول إنه الشغف الذي هو سر الإبداع والتألق، أما الخسارة فهي حتمية نهاية اللعبة لأحد المتنافسين وبالأخص أنها انتهت بركلات الترجيح والخسارة لا تعني الهزيمة في قاموس أصحاب الشغف. أحب ما تعمل واعمل ما تحب، إنما إن أردت الإبداع والتألق والنجاح فاعمل ما تحب ولكن بشغف، إلى اللقاء.