أحمد بن عبدالرحمن السبيهين
من قصيدة للشاعر «أجنيس روجرز»:
أحد الأشياء التي ينبغي لك حقّاً أن تعرفيها، هي متى تقولين «نعم»، ومتى تقولين «لا»؟
هذا الموضوع لا تجدينه في المناهج الدراسية،ولا يوجد له قوانين محدّدة.
إذ لا يُمكن أن تكون الإجابات متماثلة دائماً، لأن هناك غالباً أسباب وجيهة للاختلاف.
فتغيير رأيكِ يخضع لتغيّر الظروف والأوقات، إذ ربّما تكونين مُحقّة في قبول شيء الساعة السابعة، وترفضينه الساعة الحادية عشرة.
ربّما أخذتِ في الاعتبار هذه الاسترشادات المبدئية: «نعم» لجولة في الحديقة أثناء المطر، «لا» لو سُئلتِ إن سمعتِ بهذه الحكاية من قبل.
«نعم» للخروج أيام الجمعة، و»لا» لأيام الأحد.
«نعم» لتناول السَلطة، و»لا» للآيس كريم.
إن قراراتك في الحياة بين العقل والعاطفة،
تعتمد على اختياراتك بين «الّلاءات» و»النَّعَمات».
الحياة في هذه الولايات:
- في إحدى الليالي الشتوية في مطار «أتلانتا»، اعترفتْ إحدى السيّدات المُسنّات لي بأن هذه هي رحلتها الأولى بالطائرة؛ وذلك عندما قدّمتُ لها نفسي للتعارف بأني مُضيفة جويّة.
كانت السيدة ترتعش من الخوف والبرد عندما ركبنا الطائرة، ولذا فلم أتمالك نفسي من مخالفة أحد قوانين السلامة الجوية، وفككتُ حزام الأمان من مقعدي، واستندتّ إلى مقعدها وأمسكتُ بيدها، لأُشعرها بالاطمئنان أثناء الإقلاع.
وحين هممتُ بالعودة إلى مقعدي، همستْ السيّدة في أُذني قائلة: «لو تملّككِ الخوف حين تبدأ الطائرة بالهبوط، فيمكنكِ العودة إليّ لأُمسك بيدكِ وأُهدئ من روعك»!
- كان المرضى جالسين يتحدّثون، ويشتكون من مُعاناتهم مع الأمراض المختلفة، ويُحاولون مواساة بعضهم البعض، وكانت هناك سيّدة كبيرة يبدو عليها الصمت ومظاهر اليأس، ولم تُشارك الباقين في الحديث.ش
وحين سألها أحدهم عن طبيعة مرضها، أفضت للجميع بتردّد بأنها مُصابة للأسف بمرض شديد لا علا ج له ..!
وقع صمتٌ مُطبق على أرجاء غرفة الانتظار، وشعر الجميع بأن آلامهم البسيطة أصبحت لا تكاد تُذكر، وحين دخلت السيدة على الطبيب اعترف أغلب المرضى بأن صحتّهم جيّدة جدّاً مقارنة بالعجوز المسكينة.
وعندما حان دوري ودخلتُ على الطبيب، أخبرته بخبر السيّدة وتغيّر الجوّ العامّ في غرفة الانتظار بعد سرد قصّتها، فابتسم الطبيب قائلاً: «إن والدتي كثيراً ما يحلو لها الجلوس هناك، ونشر بعض الكذبات البيضاء الصغيرة، والتي تجعل المرضي يشعرون بالتفاؤل.. أحياناً أتساءل ربّما كانت طريقتها تُحدث لديهم مفعولاً إيجابياً أكثر من علاجي»!
- في ليلة عاصفة في وسط مدينة «سان فرانسيسكو»، غطّى المطر الغزير زجاج حافلة الركّاب لدقائق، فنادت سيّدة وقورة السائق وطلبت منه
بلطف التوقّف في شارع «بليفيدير»، حيث تُقيم.
فأجابها السائق بأن الحافلة قد تجاوزت الشارع المطلوب، ثم أنه أدار رأسه إلى الخلف بين الركّاب، وقال بمرح: «ولكن بما أن الحافلة تبدو خالية من رجال القانون، فسأخالف النظام قليلاً وأوصلك إلى منزلك»!
فاستدار بالحافلة وعاد من حيث أتى، وعند نزول السيّدة من الحافلة قالت له: «أشكرك على لطفك واهتمامك بالسيّدات المسنّات، ويبدو أن والدتك قد أحسنت تربيتك».
فابتسم السائق قائلاً: «العفو، ولكنك أخطأتِ يا سيّدتي، فقد تربّيتُ في دارٍ للأيتام، وحُرمتُ من رؤية والدتي، وربّما كان هذا هو سبب مشاعري الحانية نحو الأمّهات»..!
- لم يقُد والدي السيارات في حياته، لكنه كان يعتبر نفسه سائقاً ماهراً، من خلال توجيهه للسائق من المقعد الخلفي!
وكان يفتخر بأن إرشاده لوالدتي وحرصه أثناء قيادتها للسيارة، هو ما جعلهما يصلان إلى وجهاتهما بسلام.
وفي أحد الأيام، بينما كانت والدتي تقود السيارة، شعر والدي بأنهما يسيران في الطريق الخاطئ، فقال لها: «يبدو أننا تجاوزنا العنوان المقصود، فهل بإمكانكِ يا عزيزتي توجيه انتباهك للطريق للحظات، لكي أتأكّد من العنوان الصحيح على الخريطة»!؟
طرائف:
- سُئل المذيع الشهير «فيبر ماكي» عن شعوره عند وصوله لقمّة سُلّم النجاح، فقال: «إنه شعور رائع، ولكني لا أستطيع أن أنسى كم عدد الذين ساعدوا في تثبيت هذا السُلّم لي للصعود»!
- نشرت جريدة «أخبار سانت ماريز» بولاية «مريلاند» خطاب الشُكر التالي: «أودّ أن أتقدم بخالص الشُكر لكلّ أفراد مطافئ المدينة، وجيراني وأصدقائي، لمساعدتهم الفعّالة أثناء اشتعال النيران في منزلي، والذي أدّى إلى احتراقه ومحتوياته بالكامل، وذلك في العاشر من شهر فبراير الجاري»..!
- ألقى أحد الأساتذة الزائرين محاضرة في قاعة المدينة الكبرى، ونظراً لرغبته في إعادة بعض قصصه في محاضراته القادمة للجمهور، فقد طلب من مُراسلي الصحف حذف هذه القصص من تقاريرهم المنشورة.
ولكن أحد المراسلين المبتدئين؛ في تقريره عن المحاضرة، انتهى إلى: «أن الأستاذ ألقى بعض القصص التي لا يُمكن نشرها»!
** ** ** **
- تعريفات:
- الكتاب «الدفتر» الذي ينتهي بنهاية حزينة؛ هو دفتر الشيكات!
- شقشقة الطيور تحثّ الفجر على الاستيقاظ.
- ساعة التنبيه: جهاز لاستيقاظ أصحاب المنازل الخالية من الأطفال!
** **
- من مجلّة «ريدرز دايجست» لشهر مايو 1947