د. غالب محمد طه
تقف المملكة العربية السعودية على أعتاب تحول جذري في مجال السياحة، مستلهمةً رؤية 2030 التي تضع نصب أعينها تحقيق نقلة نوعية في هذا القطاع. تتجلى هذه الرؤية في الطموحات الكبيرة والخطط الإستراتيجية التي رُسمت لجعل المملكة مركزًا سياحيًا عالميًا ينبض بالحياة والابتكار.
وما حديث وزير السياحة الأستاذ أحمد بن عقيل في مؤتمر الاستثمار في السياحة الذي انعقد مؤخراً في العاصمة العمانية مسقط، إلا تأكيد على الطموحات الكبيرة للمملكة في مجال السياحة، والتزام المملكة العربية السعودية بالعمل بالتعاون مع الدول الأعضاء بمنطقة الشرق الأوسط لتطوير القطاع السياحي في المنطقة، حيث أشار السيد الوزير إلى أن منطقة الشرق الأوسط، تتمتع بإمكانيات وموارد طبيعية كبيرة قادرة على أن تصبح واحدة من أهم الوجهات السياحية على مستوى العالم، مضيفاً أن دول المنطقة تتحرك ككتلة واحدة في الاتجاه الصحيح نحو تطوير القطاع السياحي، حيث بدأت في وضع الخطط والإستراتيجيات للاستفادة من القطاع الواعد.
وقد بدأت المملكة العربية السعودية في تطوير القطاع السياحي كجزء من رؤية المملكة 2030. عبر جهود تطويرية نجحت من خلالها في رفع مساهمة القطاع من نسبة 3 % من اقتصاد المملكة إلى نسبة 4.5 % بنهاية العام الماضي ، حتى تصل إلى مستهدفاتها إلى 10 % بحلول عام 2030. وقال الخطيب مبشراً: «بأن المملكة ستغير خارطة السياحة في العالم». وأكد أن الفرص والتسهيلات التي تقدمها المملكة للمستثمرين ستجعل من القطاع السياحي وجهة أكثر جاذبية. وأشار إلى أن استقطاب العنصر البشري الوطني وتأهيله يعدان عاملين مهمين لتطوير القطاع السياحي بالمنطقة. وفي الختام، أكد الخطيب على أن وزارة السياحة تولي ملف تأهيل الكوادر الوطنية العاملة في القطاع اهتماماً كبيراً، وتعمل على جذب شباب وفتيات المملكة للعمل في القطاع. وتعمل لتكون ضمن الدول الكبرى المنافسة لاستقطاب الاستثمارات.
انتهي حديث وزير السياحة، ومن خلال ما ورد يتضح حجم الجهود الكبيرة والخلاقة للمملكة العربية السعودية لتحقيق تحول كبير في السياحة العالمية. ومع الرؤية الطموحة والإستراتيجية الواضحة، يبدو أن المستقبل مشرق للسياحة في المملكة والمنطقة بأكملها.
حيث تشهد المملكة تطورات متسارعة في البنية التحتية السياحية، من بناء للمشاريع العملاقة وتُطور المناطق الجذابة وجعلها وجهات سياحية لا مثيل لها. تُعد هذه الخطوات جزءًا من خطة شاملة لتعزيز الجاذبية السياحية وتنويع مصادر الدخل الوطني.
واللافت للنظر توظيف التكنولوجيا الحديثة في تحقيق الأهداف السياحية، حيث تُستخدم لإثراء تجربة الزائرين بأساليب مبتكرة تتجاوز الحدود التقليدية. من الجولات الافتراضية إلى الألعاب التفاعلية، تُسخر المملكة كل جديد لتقديم تجربة سياحية فريدة ومتكاملة.
حيث أسهمت التقنيات الرقمية المتطورة في فتح آفاق جديدة لتعزيز السياحة في المملكة العربية السعودية، لامتياز السعودية بغناها التراثي وجمالها الطبيعي، فهي بالتأكيد علي مشارف ثورة تكنولوجية تُعيد صياغة مفهوم تجارب الزوار عبر الواقع الافتراضي والمعزز، تخيل أنك تنغمس في استكشاف أروقة جدة العتيقة أو تتسلق قمم العلا المهيبة، كل ذلك وأنت مسترخٍ في منزلك، توفر لك الجولات الافتراضية هذه الإمكانية، لتضيف بُعدًا تفاعليًا يُحيي بداخلك الرغبة في أن تكون جزءاً من هذه المغامرة والقصة.
وتعتبر التكنلوجيا اليوم قادرة وعبر الواقع المعزز أن تحول المعالم السياحية إلى ميادين للمغامرة والاستكشاف، حيث يمكن للزوار من كافة الأعمار اكتساب المعرفة حول تاريخ وثقافة المملكة بأسلوب شائق ومُمتع، وتقدم لهم تجربة ثرية للتفاعل مع الأعمال الفنية والقطع الحرفية، واقتناء التذكارات الافتراضية التي تعكس روح المملكة.
وهي فرصة عظيمة تتيح للجميع استكشاف المعالم السياحية بأساليب مُبتكرة ومشاركة تجاربهم مع العالم للانغماس في الثقافة السعودية والاحتفال بها، مهما كان موقعهم، في بيئة افتراضية تفاعلية، مُزودةً بمعلومات تفصيلية وخدمات مُتنوعة تُثري تجربة السفر وتُسهّلها.
واليوم، تُولي المملكة اهتمامًا خاصًا بالسياحة الدينية، مستخدمةً التكنولوجيا لتسهيل مناسك الحج والعمرة. حيث تُقدم المنصات الرقمية وتطبيقات الواقع المعزز معلومات شاملة وتوجيهات دقيقة للزوار، مما يُعزز من تجربتهم الروحية ويُسهل عليهم أداء مناسكهم بيسر وسلام.
المملكة نجحت تكنولوجيا في توفير تجربة ثرية ومتكاملة للسائحين القادمين لأداء مناسكهم الدينية. من خلال استخدام تطبيقات الواقع المعزز، أصبح بإمكان الزوار القيام بجولات افتراضية في المسجد الحرام والمسجد النبوي، مما يمكنهم من التخطيط لرحلتهم الروحية بكل يسر وسهولة وتقدم المنصات الرقمية معلومات شاملة عن الخدمات المتاحة، الأماكن الدينية، والتوجيهات اللازمة لأداء العمرة والحج بكل أمان وراحة. كما تتيح تقنيات الترجمة الفورية للزوار من مختلف الجنسيات لفهم الخطب والدروس الدينية بلغاتهم الأم، مما يعزز من تجربتهم الروحية بالإضافة إلى ذلك، تساهم الأنظمة الذكية في تنظيم تدفق الحشود وضمان سلامة الزوار، بينما توفر التطبيقات المتخصصة إرشادات صحية ونصائح للمحافظة على اللياقة البدنية خلال أداء المناسك. في هذا العصر الرقمي، تؤكد المملكة العربية السعودية على دورها كحارسة للمقدسات الإسلامية، مستخدمةً التكنولوجيا لتقديم تجربة دينية غنية ومتعددة الأبعاد تلامس قلوب الزائرين وترتقي بروحانياتهم.
تُمثّل الجهود المبذولة في تطوير السياحة بالمملكة العربية السعودية خطوة مهمة نحو تحقيق تحول كبير في مفهوم السياحة العالمية هذا يعكس الرؤية الطموحة للمملكة في تغيير خارطة السياحة في العالم وتقديم تجربة سياحية فريدة ومتكاملة برؤية طموحة وإستراتيجية واضحة، وتُشير كل الدلائل إلى مستقبل مشرق للسياحة في المملكة والمنطقة بأسرها.