تغريد إبراهيم الطاسان
شرّف الله بلادنا بوجود بيت الله «الكعبة المشرَّفة» في مكة المكرمة، والحرم المدنيّ الشريف، حيث مثوى رسولنا الكريم عليه الصّلاة والسّلام، وفيها هبط عليه الوحي، ونزل عليه القرآن الكريم، ومنها انطلقت رسالة الإسلام السمحاء إلى مختلف أصقاع الأرض، وهي أيضا مهوى أفئدة المسلمين وقبلتهم جميعاً في أداء كافة العبادات.
ومن شرف وجود الحرمين الشريفين فيها إلى شرف خدمة الحجاج والمعتمرين والزوار، والاهتمام والعناية بهم وبذل الغالي والنفيس في سبيل راحتهم وتوفير كل أسباب الطمأنينة لهم ليؤدوا مناسكهم بيسر وطمأنينة.
ولا شك أن شرف خدمة ضيوف الرحمن تكفلت به المملكة منذ توحيدها وكانت خير كفيل، إذ أولى ملوكها منذ عهد المؤسس، طيب الله ثراه، وصولاً لعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين، حفظهما الله، اهتماماً كبيراً لخدمة الحجاج، حتى إنهم سموا أنفسهم بـ»خادمي بيت الله الحرام» وتنافسوا في ذلك، فأبلوا بلاء حسنا في تسهيل أداء ضيوف الرحمن لعباداتهم ومناسكهم والعناية بهم وتعزيز الأخوة والترابط بينهم، والحرص على اجتماع كلمتهم واغتنام فرصة الحج لنصرتهم وعلاج قضاياهم، ومساعدة من لم يستطع الحج في جميع أنحاء العالم.
وتجسّد استضافة المملكة لآلاف الحجاج سنويا ضمن برنامج «ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة» حقيقة عناية قيادة المملكة واهتمامها بالإسلام والمسلمين، وضمن هذا البرنامج المتميز، أثلج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله صدورنا منذ أيام، وبعث في نفوسنا الفخر والاعتزاز بأمره باستضافة 1300 حاج وحاجة، من أكثر من 88 دولة، و1000 حاج وحاجة من ذوي الشهداء والأسرى والجرحى الفلسطينيين و22 حاجاً وحاجة من ذوي التوأم السياميين الذين تم فصلهم في المملكة، ليتيح لهم فرصة أداء فريضة الحج على نفقته الخاصة.
والحقيقة أن تلك اللفتة الملكية الكريمة من والدنا الملك سلمان -حفظه الله- ضمن هذا البرنامج المتميز تحمل أهدافاً سامية مهمة مفادها أن هذه البلاد المباركة بقيادتها وشعبها يحملون على عواتقهم تعظيم شعيرة الحج وخدمة الحجاج، وتعزيز المحبة والسلام والإخاء والتعاون بينهم والتفاني بتقديم الغالي والنفيس لهم، كما تبرز المكانة الرائدة التي تحتلها المملكة على صعيد العالم الإسلامي، كونها قبلة المسلمين ورائدة كل عمل إسلامي نافع يلامس الأمة الإسلامية، إضافة إلى دورها الرائد في خدمة قضايا الإسلام والمسلمين.
ويأتي هذا البرنامج الذي تشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، كجزء من جهود المملكة المستمرة لخدمة الإسلام والمسلمين، كما يعكس التزامها بتسهيل أداء مناسك الحج لكل المسلمين، وتكمن الرسالة السامية للبرنامج في تعزيز العلاقات بين المملكة والدول الإسلامية، وتقديم الدعم والمساندة للحجاج الذين قد لا يستطيعون تحمل تكاليف الحج، وإبراز قيم التضامن والتكافل بين المسلمين من خلال تقديم الدعم والمساندة لهم، إضافة إلى إظهار الدور الإنساني والديني الذي تقوم به المملكة لخدمة الإسلام والمسلمين.
ومما يدعو للفخر أن البرنامج استضاف طوال مسيرته الممتدة لأكثر من 26 عاماً ما يزيد على 60 ألف حاج وحاجة من مختلف دول العالم لأداء مناسك الحج وفق خطة استراتيجية تتضمن عددا من اللجان مهمتها العناية بضيوف خادم الحرمين الشريفين المستضافين منذ مغادرتهم بلادهم وحتى وصولهم لأرض المملكة واستقبالهم وتمكينهم من أداء مناسكهم بيسر وسهولة، ويكفينا شرفاً واعتزازاً عندما نسمع عبارات الشكر والامتنان منهم أو عندما نرى الفرحة والرضا في تعابير وجوههم.
إن خدمة ضيوف الرحمن لأداء مناسكهم في الحج والعمرة، تعد من أهم الأعمال الاستراتيجية التي تعنى بها بلادنا، فكلنا يعلم أن من أهم برامج رؤية 2030 هو برنامج «خدمة ضيوف الرحمن» والذي تتشارك فيه عدد من الوزارات والهيئات الحكومية في تقديم تجربة حج وعمرة وزيارة للمسجد النبوي مُثلى، تعنى بأدق التفاصيل وتمنح الزائر كل ما يتمنى ويريد، ليتمكن من أداء نسكه على الوجه المطلوب، ويعمل هذا البرنامج على استضافة أكثر من 30 مليون حاج ومعتمر سنوياً.