«كرسي الملوك» بقي ذكرى لجلوس ملوك المملكة العربية السعودية الملك (خالد) و(فهد) و(عبد الله) - رحمهم الله بواسع رحمته وغفرانه وأمراء ووزراء ومسؤولين ورجال أعمال، كلهم كان ذلك الكرسي لا يفرق بينهم فجميعهم يستسلم للمقص والموس والمشط بيد حلاق «نادي الفروسية» السيد محمود الكركي، الذي عايش «نادي الفروسية» لما يقارب الخمسين عاماً.
مكانتهم وقصصهم هي ما جعلت من ذلك الكرسي موضع اهتمام في تاريخ ذلك النادي والوطن.
«نادي الفروسية» الذي تأسس على يد عاشق ومحب الفروسية وفارسها الملك عبد الله بن عبد العزيز طيب الله ثراه عام 1975م. هذا النادي الذي صُمم بمفهوم مستقبلي سواء من الناحية العمرانية أو الاجتماعية، فمن كان يفكر في ذلك الزمان أن يكون في مجتمعنا ناد بقسمين للرجال وللنساء. كذلك كان مقصداً لقيادات ومسؤولي وأعيان الوطن لممارسة الرياضة وقضاء وقت الراحة والتسلية والاحتفال والاستمتاع بأرقى تصنيف لصالة طعام على مستوى الوطن.
لقد عايشت شخصياً النادي من السبعينات ولا زلت أتمتع بمزاولة الرياضة فيه وبما يقدمه من خدمات. فهومن الأماكن التي أجد فيها الراحة النفسية بعيداً عن ضوضاء اليوم وانشغالاته. وهنا تبدأ قصتي مع « كرسي الملوك» فأثناء حديثي المعتاد وأنا مستسلم للسيد محمود الكركي على كرسي الحلاقة ذكر لي أنه محتفظ بأول كرسي للحلاقة منذ تأسيس النادي، فسألته لماذا تحتفظ به؟ فقال لي بما معناه: لوكان هذا الكرسي يتحدث لروى لنا عن أعظم قيادات هذا الوطن الغالي في حالة استرخاء مريح وبكل تواضع فوق هذا الكرسي البسيط.
طلبت من السيد محمود الكركي أن يحضره لي، وذكرني بأنني كنت من الذين جلسوا عليه، فإليكم أقدم كرسي الملوك» يتحدث عن قصص تروي بساطة وصدق وإنسانية صناع تاريخ وطننا الغالي.
كرسي الملوك» بقي وفقدنا حلاق الملوك والأجيال، في هذا اليوم الأربعاء الموافق 5-1-2022 عدت إلى منزلي من نادي الفروسية بعدما علمت بوفاة الصديق الذي استسلمت له لسنين طويلة كما استسلم له الملوك والأمراء والوزراء وعامة الناس عدت إلى منزلي بعد أن بقيت لفترة في صالون الحلاقة بنادي الفروسية أتذكر تلك السنين وأتأمل الصور التي زين بها تاريخه وعلاقته مع كل مرتاديه، وأتذكر ذلك الإنسان البسيط بروحه والكبير بقلبه الذي استسلم له الكثير وأنا منهم ليس فقط لبراعة مشطه وموسه ومقصه ، ولكن لإنسانيته ولطفه وإحساسه ولباقته.
كانت تلك الساعات التي أقضيها في نادي الفروسية بين صالة التمارين وملعب التنس، ثم غرفة التدليك والسونا ومن بعدها صالون محمود بصحبة أغاني أم كلثوم من أسعد وأصفى الأوقات التي أتطلع إليها، كان دائماً طالع محمود جزءاً أساسياً منها.
رحم الله حلاق الملوك ، محمود الكركي وأسكنه فسيح جنانه. سأفتقده وسيفتقده الكُثر من محبيه، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- الأمير/ فيصل بن عبدالله بن محمد