خالد بن حمد المالك
تحدد يوم 24 من هذا الشهر موعداً مؤكداً يلقي خلاله رئيس وزراء إسرائيل كلمة أمام رئيس وأعضاء مجلس الكونجرس الأمريكي، وتأتي دعوته رداً على صدور حكم المحكمة الدولية لإلقاء القبض عليه بوصفه مجرم حرب، سمح بحرب إبادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
* *
ولم تكتف أهم مؤسسة دستورية في الولايات المتحدة الأمريكية لدعوة نتنياهو، وإنما سوف تتخذ عقوبات ضد قضاة المحكمة الدولية في سابقة تاريخية، مع اعتبار حكم المحكمة وكأنه لم يكن، وتضمين هذه الدعوة بأنها لإظهار تأكيد أمريكا المؤكد على أنها مع إسرائيل بوصف واشنطن الشريك الذي يُعتمد عليه في ترسيخ الاحتلال، ومنع إقامة الدولة الفلسطينية.
* *
وبالمنطق، فقد كان على أمريكا أن تلقي القبض على نتنياهو، وتقوم بتسليمه لتأخذ العدالة حقها ومجراها منه، لا أن تستقبله استقبال المنتصرين، وتحميه من العقوبات التي يستحقها، ولكن هذه هي أمريكا التي بينها وبين الالتزام بتطبيق الاستحقاقات القانونية ضد حلفائها من المجرمين - وتحديداً إسرائيل- مسافات شاسعة.
* *
وإذا كان الحزب الديموقراطي يرى في هذه الدعوة فتح نافذة لإيجاد خلافات وشقاق بين أعضاء الحزب في تصرف يقوده الحزب الجمهوري، كونه أوجد ارتباكاً في صفوف الديمقراطيين بتبني هذه الدعوة، إلا أننا في نهاية المطاف سنرى كلا الحزبين بأكثرية كل حزب هما مع هذا العدوان الإسرائيلي ومن مؤيديه.
* *
وفي كلمته المؤكدة وليس المتوقعة سيتحدث نتنياهو بأكاذيب اعتاد عليها، ولم يجد من أمريكا غير التأييد على جرائمه، وسيُظهر حربه على أنها دفاع عن النفس ضد مجرمين وإرهابيين، وهو القاتل والمجرم والإرهابي والمحتل والمعتدي، ومن منع الماء والدواء والغذاء، ومن ضحاياه الأطفال والنساء وكبار السن، والمدنيون من كل الفئات.
* *
ستكون كلمته مليئة بالمغالطات والأكاذيب، وسط تصفيق الحضور، وتأييدهم، وتضامنهم، وإعطائه الضوء الأخضر في استمرار سياسته العدوانية، مؤيداً ومناصراً، ليعود إلى إسرائيل متسلحاً بمزيد من الدعم الأمريكي، ما يجعل أمريكا في موقف مريب في تعاملها مع الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني المزمن.
* *
لكن الورقة في هذه الحرب ليست في أيدي الأمريكيين والإسرائيليين، وإنما هي في أيدي المقاومة التي عليها ألا تقع في شراك حبائل الثنائي الأمريكي - الإسرائيلي في هذه المرحلة الدقيقة من الحرب، دون نصر لها على إسرائيل، والنصر الذي نعنيه أن يكون هناك ثمن لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، والثمن المقصود: أسرى مقابل أسرى، وإيقاف الحرب نهائياً، وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة، والبدء في حوار لتحقيق خيار الدولتين، ودون ذلك، فإن إسرائيل تكون قد حققت أهدافها.
* *
وعلى الفلسطينيين أن يدركوا أن إسرائيل على لسان المعارضة الإسرائيلية ومؤيدة من أفراد من الجيش فشلت حتى الآن في تحقيق أهدافها، إذ إنها لم تحرر الرهائن، ولم تقض على حماس، ولم تحسم الحرب ميدانياً، وتتخبط في إدارة قطاع غزة بعد توقف الحرب، وفي المقابل بدأت الاعترافات الدولية بدولة فلسطين، وإدانة إسرائيل في المحاكم الدولية، والضغوط الشعبية داخل إسرائيل، والخلافات والاستقالات في حكومة إسرائيل، وظهور القضية الفلسطينية عبر وسائل الإعلام الدولية بطرح متوازن، أو لصالح فلسطين، وكل هذا يجعل من الضروري الحذر من أي قرار أو موقف ينسف كل هذه الإنجازات.