عبده الأسمري
تطرقت في «جزئية» من مقالي الأسبوع الماضي إلى معاناة خريجي وخريجات الجامعات مع شرط الأولوية التي وضعته وزارة التعليم ومنحها في التعيين للتربوي واستبعاد المئات منهم من التوظيف بسبب أنهم «غير تربويين»..
لقد لمست حجم الألم ومستوى الإحباط ومعنى الاستغراب والمتاعب التي انعكست على أسر بأكملها جراء هذا الشرط غير المنطقي قياساً بمؤشرات ومعايير ومقاييس مثل الرخصة المهنية تتجاوز في أهميتها «الشرط الغريب» المرتبط بالتعجيز والغرابة والدهشة.
تعليقات توشحت بالحزن واليأس بعد أن نسجت «الاستحالة» خيوطها بإحكام على «مستقبل» غامض و»انتظار» حمل قصة «الأولوية» وغصة «الأقدمية» في ظل «تجاهل» غير مبرر لمطالب واقعية تعتمد على «الأسبقية» وتستند على «الأحقية» في تعيين قوامه «المعايير المهنية» ومقامه «النقاط المستوفاة»..
ثمان سنوات عجاف قضاها الخريجون والخريجات على قوائم «الانتظار» وسط «إصرار» على شرط «أولوية» التربوي ووسط «إغلاق» للدبلومات وتعنت في توفير الحلول.. مما صنع «فجوة» عظيمة ما بين الحلول والتنفيذ والأمر لا يحتاج سوى التفكير بمنطقية والتدبير بمهنية تستوجب «التحرك» العاجل..
خطابات ومخاطبات ومطالب ومتطلبات تناقلتها «مكاتب» الوزارة وحفظتها «أدراج» ثلاثة وزراء.. وتبادلتها «أرقام» الصادر والوارد.. وتناستها «الوعود» البراقة تحت لغة «التصاريح» المؤجلة في عنوان عريض روتيني اختصاره «تحت الدراسة» والمضي في نفق بائس من التمرير والتبرير.
حملت «التعليقات» متاعب متعددة عاشها الخريجون والخريجات.. فالبعض انتقل آباؤهن إلى رحمة الله وهم ينتظرون بشرى تعيين بناتهن بعد أن تعبوا عليهن وصرفوا الجهد والمال وأخريات يستبقن أسئلة الأمهات اليومية عن التوظيف بتباشير حاضرة أمامهن ومؤجلة في حكم «الواقع»، ونوع نال رخصة المعلم الممارس والكثير حصدوا أعلى النقاط في المفاضلة والتخصص ولكن المصير تلحف بالتهميش استناداً على شرط مخالف للمعايير خصوصاً وأن الجدارة الحقيقية بالنقاط.
كيف لوزارة التعليم أن تغلق الدبلوم وأن تمعن في إدراج شرط الأولوية للتربوي وتتجاهل الأسس والمعايير التي تركز على اجتياز الرخصة المهنية وسنوات التخرج.. مما يؤكد وجود «روتينية» بائسة وبيروقراطية «متأصلة» لم تراعي معنى «التطور» وسبل التفكير خارج فرض «الشرط» المتأصل في عمق «التعجيز».
خريجون وخريجات نالوا أعلى درجات المفاضلة ويحملون درجات البكالوريوس وبمعدلات عالية وأمضوا سنوات على قائمة «الانتظار» وسؤالي.. إلى متى سيستمر هذا التغافل عن المطالب فالوطن بحاجة إلى جهد أبنائه وبناته والمدارس في توسع والتعداد السكاني في ازدياد والتعليم يسعى إلى «التطوير»، وكل ذلك يقتضي أن يكون هنالك حلول جذرية للقضاء على «أوجه» المعاناة لهذه الفئة التي تعبت ودرست وسط ترقب مئات الأسر أن يرون أبناءهم وبناتهم في وظائف تعليمية مناسبة تكون لهم بمثابة «التعويض» عن سنوات من الجهد والصرف والانتظار وتجرع مرارة التأجيل وصعوبة التعيين. اجتاز هؤلاء الخريجون والخريجات معايير صعبة ركزت على التخصص والاختبار التربوي واستندوا على معدل حصدوه بجهد جهيد وسنوات كفاح وماذا كانت «النتيجة» أنهم يصطدمون كل عام بشرط الأولوية للتربوي ومزاحمتهم حتى من خريجين اخرين موظفين في قطاعات أخرى ويرغبون في التعليم.
استبشر هؤلاء الخريجون والخريجات بتصريحات معالي الوزير يوسف البنيان الأخيرة في وقت ينتظر الجميع لفتة حانية وقرار عاجل مرتبط بالتنفيذ؛ فالشهادات والمعدلات والأقدمية والنقاط والاجتياز وقائع وحقائق تستوجب الاعتراف والإنصاف والمنهجية الوزارية القادمة تقتضي وتحتم أن يحل أمرهم وأن يلغى الشرط المجحف وأن يتم الاستناد للمقاييس المهنية والمعايير المنطقية.