خالد بن حمد المالك
المشاهد الدامية التي تتناقلها قنوات التلفزيون للأطفال القتلى والمصابين في حرب غزة، نرى فيها مشاهد مبكية، وصادمة، ومؤثرة، ومؤلمة، وتنم عن إنسانية مفقودة لدى إسرائيل، وتالياً لدى دول العالم.
* *
دماء لمصابين، وأشلاء لقتلى، ومناظر تبعث على الشعور بالألم والحزن، ومن أننا أمام جرائم حرب لا مثيل لها، بينما يستمر العالم بين متفرج، أو مندد على استحياء، أو من هو في وضع المؤيد لما يجري من مجازر.
* *
الصور، ومقاطع الفيديو، لا تنقل كل ما يحدث من إمعان في القتل، وتنكيل بالقتلى، وتنوع في المجازر، فهذا ما لا يتاح للمصورين، والإعلاميين، ولو أتيح لهم ذلك لرأينا ما يشيب له الشعر، فقد يكون ما خفي أعظم، وأخطر، وأبلغ من أي وصف.
* *
وسكوت العالم، وقبوله تجاه ما يجري، والسماح لإسرائيل بإطلاق يدها لتعمل بحرية كاملة كما تريد، وتفعل بما يتناسب وإنسانيتها، هو بحد ذاته جريمة، وإدانة لكل دول العالم، ووصمة عار لن ينساها التاريخ.
* *
وإسرائيل بلا حياء، ولا خوف، ومن دون اهتمام بأي ردود فعل منددة، تواصل مجازرها، وحربها الإبادية، غير آبهة بقرارات محكمة العدل الدولية، فلها ظهر يحميها، لها أمريكا التي تُحسّن صورتها، وتُعاضدها، وتُؤازرها في عدوانها.
* *
طالعوا شاشات التلفزة، أمعنوا النظر جيداً في الأطفال الأحياء والقتلى منهم، وهم غارقون في الدماء، يبكون حالهم، ويتألمون مما أصابهم، وكأنهم يقولون للعالم ببراءة الأطفال، ما ذنبنا لتفعل بنا إسرائيل ما تفعل؟
* *
بينما هذا العالم -غير المكترث- الذي يناشده أطفال غزة، لاهٍ عنهم، متجاهل مأساتهم، يتعامى عن هذه المأساة الكبرى، وكأن هؤلاء ليسوا بشراً، ليسوا أبرياء، قتلهم جائز، وأن تخلص إسرائيل منهم له ما يبرره، ولدى العالم الحق في تفهمه لكي لا يكبروا فيكونوا مصدر قلق لإسرائيل، وتحرير للأراضي المحتلة.
* *
ضمير العالم أصبح في سبات عميق، أو هو في غرفة الإنعاش في مرحلة ميؤوس منها، طالما بقي كما هو يشرّع للظلم، والقهر، والاستبداد، ويبرر للاحتلال وللاستعمار جرائمه، في حسابات لا يقبل بها الشرفاء، والمنصفون، ومن ينتصر للعدل، ولكن أين هو هذا العدل؟
* *
أنظر إلى المشاهد الدامية لجرائم إسرائيل، أشاهد بكاء الأطفال وهم غارقون بالدماء، فأشعر بوخز ضمير العالم، وأتساءل: هل هناك من ضمير حي مع ما نراه من جرائم، ومن شعور إنساني أمام حرب الإبادة التي تجري في قطاع غزة، فلا أجد من إجابة غير أن العالم مشغول أو متواطئ، أو لا حيلة له لإيقاف حمام الدم في غزة.
* *
فويل لهذا العالم الذي يقبل بما يجري للمدنيين في قطاع غزة دون حراك، أو لا يدافع عن حقوق تنتهك، ومجازر ترتكب، وعمل لا إنساني يتم، بينما هناك دول غير أمريكا المتآمرة وحلفائها لا تفعل شيئاً، فأين الصين وروسيا وغيرهما من التدخل لمنع هذه الحرب من الاستمرار، أين ضمير العالم، هل مات، أم هو في غيبوبة مفتعلة وصادمة، ليقول لنا بأنه لم يسمع، ولم يشاهد، أي لا يرى ولا يسمع، وأن ما نقوله مجرد وهم وادعاء كاذب على شيء لم يحدث!!