تغريد إبراهيم الطاسان
في الحياة تتقلب أمواج الشعور بين السعادة والشقاء.. الرضا والسخط.. الحلم والغضب.. الحكمة والتهور.. وغير ذلك من متناقضات المشاعر التي لا يمكن لبشر أن يتجاوزها.. ولكنه حتما قادر بعون الله على تهذيبها وتنميتها وتطويرها ليكون تأثيرها الإيجابي غالباً على سلبية تبعياتها على شخصية الإنسان وعلى تفاصيل حياته.. فما نحن عليه غالبا ما يكون من اختيارنا لأن الله سبحانه وتعالى أعطانا الحرية في اختيار منهج الحياة الذي نسير عليه ونبني عليه أساسات شخصياتنا وتعاملنا مع أنفسنا.. ومع المحيط البشري والبيئي الذي نتحرك داخل نطاقه.. ومع دنيانا بالمجمل..
اختياراتنا، غالبا ما تحدد من نكون. وكم هو مقدار السعادة والراحة والرقي، الذي نعيشه، هذا القرار يحتاج منا إلى السعي لتدريب عقولنا عليه ليصبح طبعا يغلب التطبع، ومنهج حياة دائما وليس شعورا عابرا.
الوصول إلى منهج السلام والتصالح مع النفس ومع الحياة له مفتاح اسمه السعادة، فمتى ما قرر الإنسان أن يحافظ على سعادته طازجة بدون تاريخ صلاحية يتأثر بسن معين أو ظروف قاسية أو عثرات متكررة، كلما كان مرنا مع حياته قادرا على القفز بمهاره أمام تحدياتها.
وإن كان قرار السعادة هو مفتاح النجاح، فالحب هو مفتاح السلام والرضا في الحياة.. الحب المطلق لله أولاً وأخيراً.. وللبشر وللظروف وللحياة وإن قست.. وطبعا الحب هذا لا يعني التنازل عن الكرامة أو الحقوق أو أن يعيش الإنسان تحت ضغط الايثار من أجل الوصول إلى قيمة الحب العالية.. إنما هو اليسر في التعامل مع البشر ومتغيرات الظروف بما لا يؤثر على الحزم في الانتصار للذات فمثلا.. ليس أجمل من أن نهون على بعضنا متاعب الحياة، بصدقة تفرج كربا، بابتسامة تمحو نصبا، بكلمة تزيح هما، أن نكون منهلا للبهجة، يقصدنا الآخرون بأثقالهم ويغادروننا خفافا، وما أجمل أن يكون عيدنا الذي نعيشه هذه الأيام في هذه الأيام المباركة خير مناسبة نمارس من خلالها هذا الشعور الراقي، فليس أجمل في أيام العيد والإجازات، من التشارك بنشر الوعي بأهمية السعادة ولفت النظر لموروثنا الديني والثقافي والاجتماعي، كي نشق منه نهراً جارياً من سعادات نقية، على ضفاف هذه الإجازة السعيدة، نغترف من حوض الحكمة، شربة هنية نسقي بها قلوبنا ونروي منها من نحب، أن نمسك عن الأذى ونبتعد عن الكدر، ونلتف حول مائدة الحياة نمد لبعضنا أوثق الصلات من الرحمة والمودة، أن نصنع بحب نمط حياة يعيننا على التمتع بمذاقات الحياة بحب وسعادة.
ليس أجمل من أن نحيا التكريم الذي شرفنا به المولى عز وجل على سائر الخلق، بأن نحقق الرقي والسمو بممارسات قيمة فاضلة، من باب الارتقاء بآدميتنا المقرونة بالتكريم الذي شرفنا به المولى عز وجل ونحيا بسعادة وتفاؤل وإيجابية.
أن تكون إنسانا، فتلك صفة رفيعة المستوى، منزلة لا يملك مقومات بلوغها إلا الأعلون، فالعلو سمو روحي متزن، لا يتأتى نواله إلا بضبط طرفي الحياة، الايمان والأمن وهما عنوان باب السعادة الأكبر، نعبر منه آمنين مطمئنين هانئين.
لابد أن تعي أن إيماننا بعلونا المؤيد باليقين التام بأننا خلق الله المكرم، هو ما يبعث فينا الأمن ولا يسمح لنا بالخوف والجبن، فلن تهن لنا عزيمة ولن تخور لنا قوى، وسنستمتع وبحياتنا وتسعد بها دوما، لأن عملنا الدؤوب على تهذيب النفس والارتقاء بها صقل جوهر إنسانيتنا، وحفظ لنا بفضل الله مستوى علو آمن يقوى من إيماننا بذاتنا، وبقدر تزودنا بما يكفل حراستنا لهذا اليقين من أسباب الضعف، بقدر ما نرتفع بآدميتنا عن الدنو ونعلو بإنسانيتنا نحو الجنان في الدنيا والآخرة.
الخلاصة:
لابد ان نؤمن أننا الأسمى والأرقى حتى وإن تعثرنا، فنحن لسنا معصومين من الزلل ، لكن كي لا تذهب نفسك حسرات بالوقوف مطولا، فنحن لا تملك إلا اللحظة الراهنة، المحصورة بين زمنين ماض ومستقبل، فلا تحزن على ما فات بما يضيع ما هو آت،..
تذكروا.. أن إعلاء النفس سعادة تسمو بها حياتنا وتجعلنا دوما على نهر جار من راحة ورضا.