العقيد م. محمد بن فراج الشهري
أثبتت جميع الأنظمة المعمول بها في أكثر بلدان العالم فشلها في الثبات على المبادئ التي رسموها ومن ثم خالفوها وأصبحت مسميات فقط، ولكل من هذه الأنظمة عيوب واضحة لم تلب حاجة مواطني الدول للاستقرار على مبادئ معينة، إذ يجد أنها تتغير، وتتقلب من حين لآخر وأنها أصبحت شعارات محكية ومروية لا تروي عطش مواطني هذه الدول سماع ذكرها أو تعاليمها... وبقي نظام الشورى في الإسلام هو النظام الأوحد الذي لم يتغير وهو النظام الذي يشعر المرء المنتمي إليه بالعدل والإنصاف، والاتزان منذ عهد الرسول «صلى الله عليه وسلم» ثم خلفائه الراشدين من بعده، وفي هذا العصر تفخر المملكة العربية السعودية وشعبها بالثبات المطلق على هذا النظام، والعمل به، وتطبيقه دون ضياع أي بند من بنوده وهو ما جعل الاستقرار، والعدل والمساواة تظل راسخة في كل مراحل الدولة السعودية الأولى، والثانية، والثالثة، إلى يومنا هذا، مما يؤكد سلامة هذا النظام نظام الشورى في الإسلام الذي من أهم مميزاته ما يلي:
نظام الشورى في الإسلام
1 - يدعو الإسلام إلى المساواة بين البشر لأول مرة «كلكم لآدم وآدم من تراب، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى».
2 - الإسلام نزل لكافة الناس: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
3 - لا يوجد في الإسلام جنس أرقى من جنس وهذا تصحيح للفكر الخاطئ عند اليونان والرومان.
4 - السياسة في الإسلام هي العدالة والمساواة والمسؤولية والحاكم مسؤول عن تصرفاته أمام الله والرعية «كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته».
5 - والقرآن الكريم يجعل هذه المسؤولية فردية: {وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.
الدور السياسي للمرأة في الإسلام:
1 - صحح الإسلام الوضع السياسي للمرأة فكل لها حقوقها السياسية (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف).
2 - مارست المرأة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم العمل السياسي والعسكري فكان لها حق المشاركة في انتخاب الخليفة والبيعة له وأيضاً حق الاعتراض.
3 - كانت المرأة تشارك في وضع التشريعات وتصحح للخليفة أخطاءه.
4 - جاء الإسلام بنظام الشورى الذي يُعد الركن الأول للنظام السياسي في الإسلام.
5 - إن كلمة «الشورى» ترد كصفة للمؤمن الذي يستجيب لنداء السماء وقد وردت كذلك بصيغة الأمر {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}.
6 - كان الرسول صلى الله عليه وسلم يشاور المسلمين وكانت إدارته للمدينة تقوم على أساس الشورى في كل صغيرة وكبيرة وكان يحترم آراء المعارضين ويجادلهم بالحسنى ويعاملهم بالعدل.
7 - مارس الخلفاء الراشدون الشورى وتمسكوا برأي الأغلبية من أهل الشورى وكذلك بآراء جمهور المسلمين، وتلك بعض الأمثلة التي تؤكد ذلك.
كيفية اختيار الخليفة في الإسلام
* أبو بكر الصديق:
1 - اختلف المهاجرون والأنصار على من يخلف الرسول صلى الله عليه وسلم واجتمع الفريقان «اجتماع السقيفة» ورشح المهاجرون أبا بكر للخلافة وطالب الأنصار بترشيح واحد منهم وقالوا أسبابهم ودار حوار ديمقراطي بين الفريقين مثل الذي يحدث الآن بين الأحزاب الكبيرة.
2 - وشرح أبو بكر حجته في تولي المنصب مما أدى إلى اقتناع الفريقين ومبايعته.
* عمر بن الخطاب:
1 - حين شعر أبو بكر بقرب وفاته دعا الناس إلى اختيار حاكم جديد.
2 - تشاور المسلمون فيما بينهم ولم ينجحوا في اختيار حاكم فرجعوا إلى أبي بكر ليختار لهم حاكماً.
3 - أجرى أبو بكر مشاوراته مع كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار واستقر الرأي على اختيار عمر بن الخطاب وبايعه الكثير.
4 - حدد عمر بن الخطاب سياسته في هذه العبارة «ألا من رأى منكم في اعوجاجاً فليقومه.. ما أنا إلا أحدكم منزلتي منكم كمنزلة ولي اليتيم منه ومن ماله..».
* عثمان بن عفان:
1 - عندما حضرت المنية عمر بن الخطاب رفض تعيين ولده رغم إلحاح الناس عليه حتى لا تؤخذ سابقة لمن بعده فيكون الخليفة بالتعيين أو الوراثة.
2 - اختار عمر بن الخطاب ستة من كبار الصحابة الذين وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنهم من أهل الجنة وترك لهم حرية اختيار واحد منهم للخلافة على أن يبايعه الناس بعد ذلك، وهكذا لم تتم خلافة عثمان إلا بعد أن بايعه عامة الشعب.
* علي بن أبي طالب:
1 - عندما قتل «عثمان بن عفان» رضي الله عنه قام الخلاف بين المسلمين ولم يحسمه سوى القتال.
2 - تمت بيعة الإمام علي بالخلافة فقد بايعه أولاً أهل المدينة ثم مسلمو مصر ولم يبايعه أهل الشمال بقيادة معاوية الذي كان يريد الثأر لمقتل عثمان رضي الله عنه.
3 - هكذا نشأت الفتنة الكبرى الشهيرة التي نقلت خلافات الرأي بين المسلمين إلى ساحة القتال إلا أن جميع الخلفاء الراشدين على ترسيخ مبدأ الشورى وما تعلموه من الرسول صلى الله عليه وسلم.