نوف سليمان الفوزان
في ظل التحديات الاقتصادية العالمية المعقدة التي نشهدها اليوم يشعر صانعو السياسات بالقلق إزاء تحديات سوق العمل الشبابية التي تواجه بلدانهم، ونتيجة لذلك، يبحثون عن حلول محتملة لزيادة فرص حصولهم على وظائف جيدة من خلال تحسين مهاراتهم (مهارات الشباب) وتمكين مسارات التوظيف الإيجابية. وفي الوقت نفسه، تشكو الشركات في سوق العمل غالباً من عدم قدرتها على العثور على المواهب التي تحتاجها، وتشعر بالقلق إزاء افتقار المتقدمين للوظائف إلى المهارات التقنية والناعمة.
لذلك أصبحت المهارات والقدرة على الحصول على وظيفة من أولويات صناع القرار، حيث يمثل واحداً من الأهداف الأساسية لنظام التعليم والتدريب التقني والمهني وأنظمة المهارات هو ضمان استعداد المتعلمين للانضمام إلى سوق العمل مع المهارات المتعلقة بالوظائف.
ولتحقيق هذا الهدف، تتجه بعض الدول نحو استراتيجية تدمج برامج التعليم والتدريب مع التعلم القائم على العمل. لمساعدة الشباب على تحسين مهاراتهم وقابلية توظيفهم. والتلمذة الصناعية هي إحدى الأدوات الفاعلة في تعزيز النمو الاقتصادي
وهي نظام تعلّم قديم يتضمن تدريب الأشخاص على مهنة، أو حرفة عن طريق العمل مباشرة تحت إشراف أحد الخبراء الماهرين في هذه الحرفة، أو المهنة، وقد نشأت ممارسات التلمذة الصناعية في العصور القديمة وتطورت في العصور الوسطى. ويمكن العثور على واحدة من أقدم آثارها على مستوى العالم في الشرق الأوسط، في بابل، حيث يذكر حمورابي المؤرخ في القرن الثامن عشر قبل الميلاد أن على الحرفيين واجب تدريب الأجيال الشابة على صنعتهم.
وهي اليوم نموذج تعليمي معترف به عالميًا وقائم على العمل، يلتزم فيها أصحاب العمل بتوظيف الشباب رسميا كموظفين قبل بناء مهاراتهم من خلال التسجيل في البرنامج.
وتعمل التلمذة الصناعية بشكل مساند مع خطط التنمية الحالية والمستقبلية، من خلال تنمية المهارات حيث تعد معولاً لتنمية القدرات البشرية والتي ينظر لها في مقدمة المؤشرات لتقدم الأمم ونمائها، فهي تقدم تعليمًا عمليًا ونظريًا، مما يعزز التنمية البشرية من خلال تمكين الأفراد في تعزيز المهارات والقدرات والخبرات، مما يؤدي إلى تحسين الأداء الفردي، والإنتاجية والقدرة على الابتكار إلى جانب توسيع خياراتهم في الحياة والعمل.
وفي هذا الإطار يسعى برنامج تنمية القدرات البشرية كواحد من برامج رؤية المملكة 2030 إلى أن يمتلك المواطن قدراتٍ تُمكّنه من المنافسة العالمية، من خلال تعزيز القيم، وتنمية المعارف وتطوير المهارات الأساسية ومهارات المستقبل، بالعمل على رفع جاهزية الشباب لمتطلبات سوق العمل المستقبلي، مطلقاً 86 مبادرة، تضم فيها التلمذة الصناعية كأحد هذه المبادرات، حيث تقرر إيعاز تنفيذ هذه المبادرة إلى محضن التدريب التقني في المملكة العربية السعودية المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني لتجربة هذا النموذج التدريبي الواعد، بطريقة مستنيرة.