أسامة الفريح التميمي
لقد تابع أغلبنا بعضاً من حلقات مسلسل (ثانوية النسيم) الذي عرض على منصة شاهد التابعة لقناة (mbc). وقد تضاربت الآراء حول هذا العمل الدرامي، من حيث الأهداف في الجانب التربوي، والتناقضات التي يحملها في طياته، والآثار السلبية التي يتركها على المتابعين وخاصة الطلاب والمعلمين. من خلال تركيزه على دور المعلم الملتزم، والطلاب المشاغبين والمتمردين على النظام التربوي والتعليمي، حيث رأى بعض المهتمين بالجانب التربوي أن هذا العمل يسلط الضوء على قضايا مثيرة للجدل عبر سلوكيات سلبية للطلبة داخل المدارس، وهدفها جذب الاهتمام على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال تكريس صورة الطالب «المتمرد والمشاغب» الذي يفعل ما يريد، ويفتعل المشاكل داخل المدرسة وخارجها، حتى أن البعض قارن بين هذا العمل وبين مسرحية «مدرسة المشاغبين» الشهيرة التي عرضت في التسعينات، ولكن بقالب جديد قد يؤدي لهدم العلاقة المجتمعية وإرباك العملية التعليمية، كما يرى بعض التربويين العاملين في الميدان، حيث انتشرت مقاطع مصورة ومسجلة لهم تروي رصدهم تفاقم حالات التمرد والتقليد لهذه السلبيات بزيادة كبيرة عن الأعوام السابقة.
فالمشكلة الناتجة عن مثل هذا العمل هو ذلك الانطباع الأول والصورة الذهنية الأولى عنه، والتي تبقى في الذاكرة لدى المراهقين من الطلاب، وتلك الصورة التي قدمها المسلسل في البداية، حتى لو جاءت الحلقات الأخيرة بالصور المثالية، وتعديل وتقويم سلوك الطلبة لن يفيد، فالنهاية لن تستغرق سوى عدة مشاهد أو حلقة مقابل عدة حلقات غُرِست طيلة المسلسل وتكونت من مجموعة للصور الذهنية السلبية لدى الطلاب عن التعليم والنظام التعليمي، ومحاولة البعض إسقاط ما تمت مشاهدته وتقليد ما رسخ في الذهن واقعاً في المدارس اليوم.
وأكثر ما يهمنا لفت النظر إليه هو أن العمل قد نقل صورة سيئة عبر بعض المشاهد عن حي النسيم والمدرسة في ذات الحي، فقد أظهرت بعض المشاهد صورة لبائع الخمر وهو يسير بيسر دون خوف في هذا الحي.
ومن هذه السلبيات إظهار المسلسل صورة الطالب «المشاغب» وزملائه كأبطال أقوياء، بينهم فزعة ونخوة حتى مع العدو، في المقابل أظهر الطلبة المتفوقون على أنهم «سطحيون» ضعفاء وتنتشر بينهم الفتنة، وهذ الأمر قد يؤثر سلبًا على الطلبة في الوقت الحالي.
وفي محاولة للاستدراك وإبراز الصورة المشرقة لحي النسيم الشرقي ومدارسه الرائدة أحببت أن أعرض عليكم بالمقابل لثانوية النسيم، ابتدائية النسيم، أو ما سميت ابتدائية (صالح بن بشير)... فمجتمعنا والشباب اليوم بحاجة للصور المشرقة والنماذج المضيئة، بعيدًا عن جلد الذات لزمن ماض تخيله المؤلفون والكتاب، وربما لم يعش من ألّف ومن كتب ذلك العمل المرحلة الحقيقية بتفاصيلها التعليمية والتربوية، فكتب من خياله ما كتب، لأنهم صوروا ميدان التعليم كأنه غابة بلا نظام. بينما والحقيقة واضحة فإن مجتمع التعليم الحقيقي في حي النسيم وجميع أحياء مدن وقرى المملكة أكبر وأرقى من الصورة التي قدمها المسلسل، ولا ننكر أن بعض النماذج والسلوكيات موجودة، لكنها أيضاً موجودة في مكان وزمان، ولكن ليست بتلك الصورة القاسية والمنفلتة، والبعيدة عن قدرة النظام التربوي والتعليمي.
فقد كانت مدرسة صالح بن بشير الابتدائية واحدة من مدارس حي النسيم الشرقي المميزة. وكانت تدار من قبل فريق مميز وإدارة مميزة هدفها تنمية قيم حب الوطن والمعارف المختلفة لدى الطلاب، ومن أبرز القيم التي حرصت إدارة مدرسة (صالح بن بشير) على تنميتها: (قيمة حب الوطن والمناسبات الوطنية، وبر الوالدين، قيمة النظافة، قيمة النظام والتزام المسئولية، قيمة العمل التطوعي، قيمة المحافظة على الممتلكات العامة والخاصة، المشاركات المجتمعية... ) وكثير من القيم والمشاركات الإيجابية التي تخدم المجتمع وتهدف إلى صناعة جيل يكون رافداً من روافد الوطن.