د.شريف بن محمد الأتربي
جمعني لقاء بمجموعة من الخبراء في تطوير التعليم، وكان الحديث يدور حول أهمية تحديث برامج التطوير المهني للمعلمين وأثره على سد الفاقد التعليمي لدى الطلبة، أصغيت إلى الجموع ولم أشأ أن أدلو بدلوي حتى لا أشتت الحضور عن الهدف الأصيل من اللقاء بوضع خطة تطويرية لبرامج تطوير المعلمين بهدف تحسين المخرجات، والاستعانة من اجل ذلك بالتجارب العالمية لدى الدول الأوربية والعالمية والتي يشار إلى تعليمهم بالبنان وإلى معلميهم بالخبرة والاتقان.
كان الحديث عن وجود فاقد تعليمي يعادل أربع سنوات دراسية، لم يستفد منها الطلبة لا معارف ولا مهارات، وكأن حضورهم للمدارس أشبه بالحضور للتشجيع في المدرجات، فالفاقد التعليمي هو خلل يحدث في العملية التعليمية، يظهر في صورة عدم تمكن الطلاب من تحصيل المعارف أو اكتساب المهارات التي كان من المفترض عليهم إتقانها والإلمام بها خلال فترة تعليمية ما.
ويحدث الفاقد التعليمي بفعل مجموعة من العوامل، لعل من أبرزها: ظاهرة التسرب التعليمي، والغياب المتكرر للطلاب، والتعثر الدراسي، وصعوبات التعلم، وعدم فعالية التعليم، وتوقف العملية التعليمية لفترة طويلة.
وهناك العديد من الاسباب التي تؤدي إلى حدوث الفاقد التعليمي منها ما يتعلق بالمتعلم، ومنها ما يتعلق بالمجتمع، ومنها ما يتعلق بالعملية التعليمية وهو الموضوع الأساسي في هذا المقال، حيث يعد سوء مستوى التعليم المقدم، سواء لضعف مستوى المقررات التعليمية، أو عدم ملائمة الممارسات التدريسية، أو غياب الكوادر التعليمية الخبيرة والمحترفة، إلى جانب المشاكل المتعلقة بالبيئة التعليمية نفسها، مثل تفشي العنف أو التنمر وعدم مراعاة الفروق بين الطلاب، وغياب البنى التحتية والرؤية الداعمة للتعليم عن بعد وعدم الاستثمار في تفعيله أو تطويره، أحد أهم أسباب الفاقد التعليمي.
ويقاس الفاقد التعليمي من الناحية الكمية من خلال الصعوبة في تجاوز الاختبارات بشكل متكرر، أو الغياب بشكل مستمر، ويصل إلى الانقطاع عن التعليم نهائيا. وعلى الجانب الكيفي يتم قياس الفاقد التعليمي من خلال ملاحظة تدني الأداء الأكاديمي للطلبة، وظاهرة فقدان الرغبة والشغف بالتعلم، وكذلك صعوبة الاستفادة من المهارات والمعارف التي تعرض لها الطالب خلال رحلته التعليمية. وتعد المقارنة بين نسب أداء الطلبة في الاختبارات الدولية مقارنة بنظرائهم من الطلبة في الدول الأخرى واحدة من مؤشرات الفاقد التعليمي.
وعودة إلى بداية المقال، ورغبة في إحداث التطوير المنشود، أرى أن رأي الطلبة ضرورة مهمة في وضع البرامج التدريبية والتطوير المهني للمعلمين، فالطلاب الذين يعانون من الضعف القرائي مثلا لديهم وجهة نظر في هذه المشكلة، ربما تعود إلى عدم قدرة المعلم نفسه على القراءة الصحيحة، خاصة أن ممارسة التعليم الآن أصبح كوظيفة متاحا لكافة خريجي الجامعات، مع إغلاق كليات المعلمين، هنا يجب أن يتم إعداد قياسات تربوية لقدرات المعلمين القرائية وأثرها على قدرات الطلبة.
كما يعد المقرر الدراسي نفسه أحد أسباب الفاقد التعليمي، لذا فاستطلاع أراء الطلبة في مقرراتهم الدراسية يعد واحد امن أهم أسس البحث عن المشكلات التعليمية وأثرها على أحداث الفاقد التعليمي.
تعد البيئة الصفية، والبيئة المدرسية، واستخدام التقنية في التعليم، والقدرات التعليمية للمعلم، هي أيضا من أسباب حدوث الفاقد التعليمي، لذا من المهم والضروري جدا قبل وضع خطة تطوير المعلمين ان نعرف جوانب القصور لديهم من خلال استطلاع آراء طلابهم، وبالتالي ستكون هذه الخطة مجيرة بطريقة صحيحة لصالح العملية التعليمية وليس الهدف منها أن نقول: لدينا خطة لتطوير المعلمين، وتكون نتيجتها اتساع الفاقد التعليمي لغياب الربط بين السبب والحل.