د.شريف بن محمد الأتربي
سويعات قليلة وينتهي العام الدراسي، وتبدأ إجازة نهاية العام والتي تقارب السبعين يوماً ينقطع خلالها الطلبة انقطاعاً كلياً تقريباً عن الدراسة وتبدأ لديهم اهتمامات أخرى مثل السفر والسهر والألعاب الإلكترونية، وعند العودة لمقاعد الدراسة مرة أخرى يبدأ الجميع في المسارعة لعودة الطلبة لحماسهم وتذكر معلوماتهم التي تساقطت منهم كتساقط الأمطار كثيفة في فصل الصيف قائظ الحر، فلا الأرض ارتوت، ولا الوديان جرت، ولا بقيت حالنا كما أصبحت.
أعوام عديدة مضت، أقبلت ثم أدبرت، ووزارتنا للتعليم تعلن للعموم أن للصيف برامجه، وأنهم مستعدون لمساعدة الطلبة والمعلمين، حتى يكونوا بأوقاتهم منتفعين، ولكن يا للأسف، لا برامج شاهدنا، ولا فعاليات سمعنا، وينتهي الصيف الحزين، ويعود الطالب وقبله المعلم المسكين للفصول الدراسية وكأن الوقت ما مضى، ولا العمر انقضى، فقط قلت المعرفة وتبخرت، والمهارات قلت وتدهورت.
تطلق الدول برامجها الصيفية الداعمة للعملية التعليمية، ولكن بطريقة ترفيهية، تجذب الأطفال إلى العلوم النافعة، وتكسبهم المهارات اللازمة، وتخفف عن أولياء الأمور المطالبة بالسفر خارج الديار، والدفع بالدولار لترفيه كان عنا غائباً والحمد لله الآن حاضراً، ناهيك عن الخمول، والنوم حتى وقت السحور، كل هذه المتلفات ونريد أن نخرج للمجتمع نابغين ونابغات.
قرأت- وقل من يقرأون الآن - أن هناك دولاً في الجوار تطلق للكبار قبل الصغار برامج لتعليمهم البرمجيات، وإتقان الذكاءات، وخاصة هذا الرفيق الجديد المسمى بالذكاء الاصطناعي، الوحش الذي خرج من قمقم التقنية، وأصبح خارجاً عن السيطرة، ولولا بعض العقلاء لكان مصيرنا إلى الفناء، جراء خروجه عن السيطرة، وأفكاره المدمرة، فإن أتقنه أبناؤنا، طوعناه لخدماتنا، وإن تركناه لغيرنا كنا أول من بناره اكتوى.
عشرات من البرامج والمسابقات، والفعاليات والمعسكرات تدور من حولنا، ونحن من كوكب ولا هنا، أما آن الأوان أن تكون معسكراتنا هنا، ونبقي أبناءنا حولنا، نرقبهم من بعيد، وندعمهم بكل جديد، قبل العودة من جديد للمقاعد القاسية، والحقائب المثقلة بكتب نحشوها حشوا، ونخرجها بالاختبارات قسراً.