إبراهيم العنزي
في دوامة الحياة المليئة بالتحديات والمتطلبات اليومية، قد نجد أنفسنا غارقين في الروتين والتكرار، دون أن نكتشف حقيقة من نحن وماذا نرغب في تحقيقه. ومع ذلك، فإن اكتشاف شخصيتنا يعد رحلة مهمة ومثيرة تقودك إلى فهم أعمق لذاتك وقدراتك وقيمك لتحقيق التوازن والتنمية الشخصية والسعادة الحقيقية. اكتشاف شخصيتك هي رحلة لا تنتهي، فالإنسان كالكنز الثمين يحمل في داخله أعماقًا لا تنضب من الجمال والتعقيد. قبل أن نبدأ في هذه الرحلة، يجب أن نكون مستعدين للغوص في أعماقنا واستكشاف الجوانب المختلفة لذاتنا. منذ آلاف السنين، شجع الفلاسفة البشر على السعي لمعرفة أنفسهم بشكل أفضل. فالفيلسوف اليوناني سقراط قال مرة «اعرف نفسك»، مؤكدًا على أهمية الفهم الذاتي لأنفسنا. إن عملية اكتشاف شخصيتك هي بالفعل رحلة داخلية عميقة نحو اكتشاف حقيقتك الكامنة. تُعتبر عملية اكتشاف شخصيتك من أهم الرحلات التي يمكنك القيام بها في حياتك. فهي تساعدك على فهم نفسك بشكل أفضل، وتحديد نقاط قوتك وضعفك، ومعرفة ما يحفزك ويدفعك للأمام. وبالتالي، يمكنك اتخاذ قرارات مستنيرة حول مسارك المهني والشخصي. دائماً تكون البداية هي الخطوة الأولى والأصعب. يجب أن تكون مستعدًا لمواجهة نفسك بصدق وشفافية، وأن تكون منفتحًا على التغيير والتطور. كما قال الفيلسوف الصيني لاوتسو «عقل متحرر هو بداية الحكمة.» يجب أن تتخلص من الأفكار المسبقة والمعتقدات الخاطئة عن نفسك، والتي قد تكون قد اكتسبتها من خلال تجارب الماضي أو من الآخرين. ولكي تستطيع اكتشاف شخصيتك فما عليك إلا أن تبدأ بفهم النفس واستكشاف الأسئلة الأساسية مثل «من أنا؟» و»ما الذي يهمني حقًا؟» و»ما هي قيمي الأساسية؟». احرص على تخصيص وقت للتفكير الذاتي والتأمل وتدوين أفكارك ومشاعرك. أيضاً راقب سلوكك وردود أفعالك في مختلف المواقف. لاحظ ما يجعلك سعيدًا أو حزينًا، ما يثير غضبك أو إعجابك، وما يدفعك للتصرف بطريقة معينة وهذا ما يعرف بالملاحظه الذاتيه. اعمل على اكتشاف الاهتمامات والمواهب التي تستمتع بها وتشعر بالحماس تجاهها. قد تكون هذه الاهتمامات والمواهب مؤشرًا قويًا على ما يجلب لك السعادة والإشباع الشخصي. قم بتجربة أشياء جديدة وتعلم مهارات جديدة لاكتشاف مواهبك المخفية. أيضاً من الطرق التي تساعدك على اكتشاف شخصيتك, التغذية الراجعة من الآخرين فما عليك إلا الطلب من الأشخاص المقربين إليك، مثل العائلة والأصدقاءأن يصفوا شخصيتك بصدق. غالبًا ما يرى الآخرون جوانب من شخصيتنا لا نراها بأنفسنا. فاعلم أنه ليس من الصعب التعرف على الآخرين, فالصعوبة تكمن في التعرف على أنفسنا. من الطرق التي قد تساعد في اكتشاف شخصيتك الاختبارات الشخصية المعتمدة علميا مثل اختبار مايرز-بريغز أو اختبار سمات الشخصية الخمس الكبرى أو اختبار انياجرام، والتي يمكن أن تساعدك على فهم سمات شخصيتك بشكل أفضل.
بمجرد أن تبدأ رحلة اكتشاف شخصيتك، ستجد نفسك تكتسب فهمًا أعمق لذاتك وتقدر جوانب شخصيتك بشكل أفضل. قد تكتشف مواهب وإمكانات جديدة، وقد تجد أيضًا جوانب تحتاج إلى تحسين أو تغيير. إن فهم شخصيتك يمنحك القوة لاتخاذ خيارات حياتية أكثر وعيًا وتحقيق أهدافك بشكل أفضل. تذكر، اكتشاف شخصيتك ليس مجرد رحلة، بل هي عملية مستمرة. كلما تعمقت في معرفة نفسك، زادت قدرتك على النمو والتطور كإنسان. فلا تتردد في الشروع في هذه الرحلة الرائعة نحو معرفة ذاتك الحقيقية.