سالم بركات العرياني
ما هو الإبداع؟! وهل هناك علاقة بين الإبداع والتميز والابتكار وبين الشهادة؟! ماهي صفات المبدعين؟! وماهي الحقول العلمية التي يحبذونها دون غيرها؟!
جرت العادة عند بعض الناس الاعتقاد بأن جميع المبدعين شعراء أو العكس جميع الشعراء مبدعين، وهذه طائفة من الناس، وأما الطائفة الأخرى فتظن أن جميع من في الحقول العلمية من تلاميذ ومدرسين مبدعين وعباقرة.. ولعل الكثير من الناس يحبذ هذه الفكرة خصوصاً مع الانفجار التكنولوجي والتقني، وظهور العلوم التطبيقية الجديدة من أقسام ودراسات جعلت أنصار العلم ينتصرون على أنصار الكنيسة، خصوصاً في الغرب (أمريكا وأوروبا)، حيث أدت الاكتشافات الحديثة الهائلة إلى مزيد من التعصب للعقل.
لعل إيمانويل كانط لم يكن يتوقع هذا الانفجار التكنولوجي والمعرفي الذي جعل الناس يتعصبون للعقل والتفكير العلمي المعاصر واستخدام طريقة التحصيل والاختبارات التجريبية كالعلوم الطبيعية. وأما أنا فمتشائم تجاه هذا الإبداع الذي انتج من قبل العقل الغربي الملحد، والذي مهد الطريق للقول ببعض الترهات التي نراها الآن مثل الانحلال الأخلاقي والتهتك والمجون نتيجة التفكير الوجودي الغربي الملحد.
لقد امتلأت المكتبة العربية بمئات الكتب التي تحمل أسماء وسير من يسمون بالمشاهير أو ما شابه ذلك كالعظماء والعباقرة، وهذا بلا شك من الأمور الجيدة غير أنه ومع الأسف فقد تجاوز الحد المسموح به، وأصبح علينا أن ننبه الناس لهذا الأمر وأن نعلمهم بدلاً من ذلك كيف يفكرون ويكتشفون أو كيف يخترعون؟! وهذا هو الصحيح الذي لابد منه فقد أصبحت المكتبة العربية مكتفية من هذا النوع من الكتب وأصبح بدلاً من ذلك البحث عن طريقة جديدة نحفز بها الناس، كالحديث عن مؤلفات ستيفن كوفي وأن نبعدهم قدر الإمكان عن ليوباردي وشوبنهاور.
هل كل المبدعين يحملون شهادات أكاديمية عليا؟! الإجابة بالطبع لا، بل إن البعض يعد الدراسة والتعليم النظامي الحديث عدواً للتفكير والابتكار، فحتى تتفجر الطاقات الإبداعية للشخص فعليه أن يكون هادئاً ومرتاحاً، بل إن البعض يعد التأمل رياضة العظماء، إضافة إلى ذلك أن بعض المدرسين يعتمدون على التلقين متجاهلين مشاركة الطالب في العملية التعليمية.. وعلى سبيل المثال فإن تعلم اللغات يتطلب المشاركة والتفاعل الكامل مع المدرس حتى يتقن الطالب اللغة بشقيها المخاطبة والاستماع، وبغير المشاركة لن يستطيع الطالب إتقان اللغة.