عبد العزيز بن سعد الدحيم
يعرف العمل المؤسسي كمجموعة عمل منظمة تهدف لرفع كفاءة أداء العمل وتحسين فاعليته؛ لتحقيق جملة من الأهداف والغايات، وكما يوجد عمل مؤسسي فإنه يوجد وباء مؤسسي، ينشأ بدءًا من انحراف منظم ومقصود عن الأهداف التي أنشئت لها هذه الكيانات بالاتجاه نحو الأشخاص، دون التفكير بما سيؤثر ذلك على أعمال هذه المنظمة ومخرجاتها، وذلك بتحركات هادئة دون أن يشعر بها القائد. لهذا، رأيت تسميته بالوباء لأنه شبيه بما سمي بـ»الوباء الثالث» أحد سلالات الطاعون الفتاكة، والذي تفشى عام (1855م) بسرعة وبصمت حول قارات العالم، وأودى بحياة أكثر من 12 مليون شخص. وتظهر أعراض الوباء المؤسسي بتشكل توجهات وتيارات داخل منظومة العمل، يهدف كل منها للسيطرة من خلال إظهار مواطن الضعف لدى الآخر؛ لتعطيل الأعمال لا تقويمها، وتقزيم الأشخاص لا دعمهم، ودائماً يفضلون أن تكون خططهم الصامتة عبر نقاشات جانبية خاصة بعيدة كل البعد عن الإنتاجية والإنجاز، وتهدف إلى إيجاد عيوب الآخرين، وتصيُّد أخطائهم ليزعموا بأنهم المنتصرون في هذه الحرب غير المُعلنة، وتجدهم يعلِّقون الأعمال ويمارسون الابتزاز غير المباشر لتحقيق غاياتهم غير النبيلة، بخفية عن القائد.
ويصادف توقيت الإصابة بهذا الوباء أن تكون المنظومة في عز الحاجة إلى التكاتف والعمل جنباً إلى جنب بما يعود لجميع منتسبيها بالنجاح والتميز، وتحقيق الأهداف السامية لهذا الكيان.
أما الدوافع، فدائمًا تكون شخصية بحتة حتى لو على حساب تعطيل العمل المتعمد، وتصل للمستوى الغير أخلاقي أحياناً، وهي إما سعياً لترقية أو مال، أو كلاهما مع صلاحيات ونفوذ تجعل التوجهات أكثر توغلاً، إن لم ينسلخ ذوو المنصب المرموق من تياره ويتبرأ منهم.
وللأسف تصبح النتيجة لهذا الوباء هي تنحية القائد المخلص الذي أولى ثقته لمن لا يستحقها، ليأتي قائد جديد، إن لم يوفق بالقضاء على هذه الشللية وتحييد رؤوسها، فإن الوباء سيعود لا محالة.