سلطان مصلح مسلط الحارثي
متردد وخائف، لا يستطيع اتخاذ قراره الحاسم، يفكر في مستقبله بعيداً عن الهلال، والخروج من هذا النادي الكبير، الذي نشأ وترعرع في جنباته، فتأخذه العزة بالإثم، ليؤكد أنه لا يزال قادراً على العطاء، وخروجه من الهلال بمثابة التحدي، وإثبات أنه يستطيع اللعب، وتقديم المزيد داخل المستطيل الأخضر، فأي تحدٍ هذا الذي سيتعبه وهو يعيش في أواخر حياته الكروية؟
ذلك هو سلمان الفرج، قائد فريق الهلال والمنتخب السعودي، وثاني أفضل لاعب في هذا الجيل الكروي، ويضيف بعض عشاق المتعة من كافة الميول، أنه أسطورة من أساطير كرة القدم السعودية، مستشهدين بما قدمه من عطاءات كبيرة، استطاع من خلالها أن يغيِّر من مفهومنا عن لاعب المحور المتقدم، فالفرج كان «رمانة» خط الوسط الهلالي، وقائده الفعلي والحركي، حتى قبل أن يتسلّم شارة القيادة، يتسلّم بمهارة ويُسلم بمهارة، يعرف كيف يستحوذ على الكرة، ومتى يمرر، وكيف يُسرع من اللعب في حال خسارة فريقه، أو احتياجه للفوز، وكيف يقتل اللعب، في حال كان فريقه متقدماً.
سلمان الفرج، حالة خاصة ومتفرّدة في وسط الملعب، استطاع أن يتجاوز كل من سبقه، وصعَّب المهمة على من سيأتي بعده، ولكن سنة الحياة ستمضي على سلمان وغيره، كما مضت على من سبقه، فالعمر الافتراضي للاعب كرة القدم يحد من قدرته على الاستمرار، وإن كابر وعاند، فسوف يخسر ما بناه من مجد، وهذا ما لا نتمناه للاعب أسطوري بحجم سلمان الفرج، الذي قدم كل شيء، ولم يعد لديه المزيد، بعد أن تعددت إصاباته، ووصل لعمر الـ36، فأي طموح يملكه سلمان وهو بهذا العمر، وبعد أن حقق مع فريق الهلال 23 بطولة رسمية؟
اليوم سنقول للفرج ذات الكلمة التي قلناها ليوسف الثنيان وسامي الجابر وياسر القحطاني ومحمد الشلهوب، وقالها من سبقنا لصالح النعيمة وفهد المصيبيح وغيرهم من النجوم الكبار.. احفظ تاريخك يا سلمان واعتزل، فلا تعميك الأضواء عن معرفة حقيقة عطاءاتك الفنية كلاعب، فسلمان اليوم ليس هو سلمان الأمس، والاعتزال والجمهور يطالب باستمرارك خير من الاعتزال والجمهور يطالب برحيلك، فما بالك واليوم ينقسم جمهور الهلال حولك، وهنالك من يطالب برحيلك.
سلمان.. إنها نصيحة المحب، اعتزل حتى وإن رغب الهلال في استمرارك، فلم يعد لاستمرارك معنى، وليس له قيمة، خاصة مع وجود 10 لاعبين أجانب، وإن كابرت واستمررت مع الهلال أو غيره، فأنت قد سلّمت نفسك لمن لا يعرف تاريخك، وعليك تحمّل تبعات قرارك.
في الصيف تساوت الرؤوس
وفي الشتاء اعتلى رأس الهلال
الهلال أُسس للفرح، بعد أن ولد في منصات الذهب، لم يغب عن البطولات كثيراً، ومنذ 50 عاماً وهو يتسيد المشهد الرياضي المحلي والعربي والقاري، وبعد أن تم الاستحواذ عليه مع أندية الاتحاد والأهلي والنصر، زادت قوته، وزاد بريقه، واختفت بقية الأندية، التي دُعمت بنجوم كبار، كانوا من وجهة نظر المنتمين لتلك الأندية «نجوماً عالميين معروفين»، حتى إن الإعلام الموالي لبعض الأندية، كان يؤكد، أن (الرؤوس تساوت)، بمعنى أن كل الأندية، تساوت في الدعم واستقطاب النجوم، رغم أنهم كانوا يسخرون من تعاقدات الهلال، ويقللون من استقطاباته بعدم معرفتهم بأسماء لاعبيه، قبل أن ينقلبوا رأساً على عقب، ويؤكدون أن الدعم غير متساو، وذلك بعد أن ابتعد الهلال عن الجميع، وكان فارقاً بشكل كبير عن البقية.
ولهؤلاء وأمثالهم نقول: الهلال لم يكن وليد الصدفة، فقد كان قبل الدعم بطلاً يكتسح منافسيه، وبعد الدعم استمر على تميزه، فهل استوعب البعض أن الهلال «رأس» اعتلى منصات الذهب منذ خمسة عقود، ولا يمكن أن تتساوى معه الرؤوس، طالما استمر منافسوه ومن ينتمي لهم بنفس العقلية الساخطة، التي تتهم وتشكك دون حسيب أو رقيب، مؤمنة بنظرية المؤامرة، عاجزة عن مناقشة الأسباب الحقيقية التي أدت لتراجع أنديتها، وخروجها «بموسم صفري»، بعد أن سيطر الهلال كـ«عادته» على جميع البطولات.
تحت السطر
- أداء ومستوى منتخبنا السعودي الأول انخفض، وهذا لا يتحمّله المدرب الإيطالي مانشيني، فنحن نرى أن الخلل في عدم وجود مواهب تستحق أن تلعب في ظل وجود 8 لاعبين أجانب في كل فريق، وفي الموسم القادم سيكون العدد 10، وهذا يتحمّله اتحاد كرة القدم، فهو أوجد دورياً قوياً استطعنا من خلاله منافسة أكبر الدوريات العالمية، ولذلك يجب على اتحاد الكرة أن يضع إستراتيجية وخطة لتقوية المنتخب السعودي، من خلال إيجاد طريقة مناسبة لاحتضان المواهب الكروية السعودية، وإلا فإن المنتخب السعودي ستتراجع مستوياته أكثر.
- ما سبق وكتبته لا يعني تقليص عدد اللاعبين الأجانب، فالدوري السعودي أصبح بوجودهم قوي فنياً، وأصبح مشاهداً، ولكن مثلما صنعنا دورياً قوياً، نحتاج إلى منتخب قوي أيضاً.
- من يقول إن عدد اللاعبين الأجانب لم يؤثّر على منتخبنا بدليل تأهلنا لكأس العالم 2018 و2022، نقول له هذا خطأ، فاللاعب السعودي الذي قادنا للتأهل لكأس العالم، تم بناؤه، وأخذ فرصته كاملة، واكتسب الخبرة، قبل قدوم إقرار الـ8 أجانب.