د.عبدالعزيز الجار الله
التنظيم الناجح الذي حظي به موسم حج هذا العام 2024 هو امتداد لخبرات طويلة قدمتها حكومة السعودية من توحيد المملكة عام 1932 واستمر التنظيم نحو 92 سنة شكلت خبرات تراكمية لدى جميع أجهزة الدولة ليظهر بهذا الشكل المميز، وزاد على الخبرات التراكمية الآليات التي اتبعتها الأجهزة العاملة في مكة المكرمة والمدينة المنورة وفق تنظيمات الرؤية السعودية 2030 التي من مرتكزاتها: جودة الحياة. إن نحول جميع شؤون حياتنا إلى جماليات وجودة عالية يرضى عنها الفرد والمجتمع وتتوافق مع توجهات الدولة في نقل المواطن والمقيم والزائر والسائح إلى حياة تنعم بالاستقرار والإيجابية ومرضية لمتطلباتهم، ومن أهداف الرؤية السعودية 2030:
إسعاد جميع القادمين إلى الحج والعمرة. لتبقى تأدية المناسك والشعائر ذكرى جميلة في حياتهم وفي قلب وعقل القادم لبيت الله، وتكون خالدة في البال يتذكرها طويلا ولا يمل من استرجاعها يتجاذبها مع مرافقيه وعن رحلته إلى المدينتين المقدستين وبلاد السعودية، لتكون من أجمل الذكريات العطرة عن المشاعر المقدسة وعن حكومة بلادنا والشعب السعودي من العاملين في أجهزة الحج أو من السكان ممن يلتقى بهم من بداية القدوم عبر جميع المنافذ حتى المغادرة، وهذا يذكرني بقصيدة عن مكة المكرمة والمدينة المنورة قدمت بالدانة الحجازية، المقام الحجازي الرقراق الذي تطوى برقة عبر جبال مكة المكرمة وهضاب المدينة ليصبح أصيلاً في المقامات العربية والإسلامية، تقول القصيدة لطاهر زمخشري:
وأهفو إلى ذِكَرٍ غاليهْ
لدى «البيت والخيف والأخشبين
فيهدر دمعي بآماقيهْ
ويجـري لظاه على الوجنتين
ويصرخ شوقي بأعماقيهْ
فأرسل من مقلتي دمعتين
أهيم وقلبي دقاته
يطير اشتياقاً إلى المسجدين.
أهيم وفي خاطري التائه
رؤى بلد مشرق الجانبين
لذا كان التنظيم والترتيب:
تقنية الإنترنت العالية والمجانية، المساعدة الشاملة، وتسهيل الإجراءات، والتنقل والخدمات اللوجستية، وانسيابية الحركة، والمعلومات الدقيقة المقدمة للحجاج، وانضباطية التفويج، والراحة في تأدية المناسك. فهذه المعطيات هي نتاج: القيادة القوية من الدولة في ترابط الأجهزة والعزم على إنجاح مشروع الحج، فالخبرات الطويلة في إدارة الحشود، يضاف إليها توجهات رؤية 2030 في أن تنعكس الجودة في جميع أعمال الدولة لتكون ضمن منظومة متكاملة بما فيها تنظيم موسم الحج والعمرة والزيارة.
تهدف سلاسل الإجراءات والإمدادات بين منشآت المشاعر إلى أمان وسلامة الحجاج ليعودوا إلى أوطانهم وأهاليهم سالمين ومعافين، وهذا هدف حقيقي لدولتنا ليكون الحج رحلة إيمانية عامرة بالاطمئنان والثقة بالجهة السعودية التي تعمل على المحافظة عليهم حتى يعودوا إلى أوطانهم سالمين.