تغريد إبراهيم الطاسان
الانتقاص والتشكيك والعويل قد يعتبره أحد مقايس النجاح.. فكلما زاد التميز علا صوت الانتقاد، وتدفق سيل الأكاذيب.. وهذا ما لمسناه واقعاً في وسائل التواصل الذي امتلأت بالمقاطع ذات السيناريو والإخراج والتمثيل السيئ والفبركة المزيفة للإيهام بفشل موسم الحج!
ومع ذلك.. نجح الموسم رغم كل المحاولات لطمس هذه الحقيقة.. ومن يتحدى المملكة بذلك فرهانه خاسر بعد توفيق الله وعونه.. لأن المملكة منذ توحيدها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه - تعتز بخدمة الحرمين الشريفين والعناية بقاصديهما، سواء للحج أو العمرة أو الزيارة، والحرص على أمنهم وسلامتهم، وفي سبيل ذلك بذلت وتبذل جهوداً كبيرة وتسخّر كافة إمكاناتها وطاقاتها البشرية والمادية، لتذليل الصعاب أمام الحجاج والمعتمرين والزوار، وضمان تحقيق كافة احتياجاتهم وتقديم التسهيلات لهم ليؤدوا مناسكهم بطمأنينة ويسر وأمان، ولعل ذلك ما أكد عليه سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله - في كلمته التي ألقاها نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله - خلال حفل الاستقبال السنوي لأصحاب الفخامة والدولة، وكبار الشخصيات الإسلامية.
لا شك في أن الشرف العظيم الذي خصّ الله به سبحانه وتعالى هذه البلاد من خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما لهو مصدر فخر واعتزاز لكل مواطن على أرض هذه البلاد، سيراً واتباعاً للنهج الأصيل الذي اختطته قيادتنا الرشيدة، والتي تؤكد دائماً على أهمية بذل قصارى الجهد لخدمة ضيوف الرحمن على هذه الأراضي المقدسة التي أثبتت للعالم أجمع قدرتها على القيام بهذا الواجب العظيم والجليل على الوجه الأكمل، سواء في الجوانب الأمنية والتنظيمية أو الجوانب الصحية والإرشادية، معتمدةً بعد الله على سواعد أبنائها في جميع قطاعات الدولة ومؤسساتها وأجهزتها المختلفة لأداء هذه الرسالة العظيمة التي تبذل من أجلها الجهود الجبارة، وتهيئ كافة السبل والمبادرات على جميع المستويات لتسهيل مهمة حجاج بيت الله الحرام، والعمل على راحتهم منذ قدومهم حتى مغادرتهم إلى ديارهم سالمين غانمين بإذن الله تعالى، وهو ما يظهر جليًا في جهود المملكة المستمرة لتطوير الأعمال وتسهيل أداء المناسك تحقيقاً لأهداف رؤية السعودية 2030م.
فطالما أبهرت العالم القفزات الكبيرة التي حدثت وتحدث كل عام في نوعية الخدمات التي تقدمها المملكة لضيوف الرحمن، إضافة إلى قدراتها التنظيمية وخبراتها الطويلة في إدارة الحشود الكبيرة على أصغر مساحة، حيث تعمل على إدارة الحج وفق تخطيط إستراتيجي مدروس، وهو ما يبدو جلياً للعيان من قاصدي الحج الذين يلاحظون عاماً بعد عام مدى التطور المتسارع والتجديد والتميز في جودة الخدمات المقدمة، مما يجعل كل موسم حج يبدو وكأنه استثنائي بتميزه وتفرّده عمَّا قبله، وذلك نتيجة لهذا التخطيط الإستراتيجي، الذي يقوم على تلافي السلبيات وتعزيز الإيجابيات وتجاوز كافة العقبات والأزمات الطارئة، والعمل على إيجاد الحلول العاجلة والمعالجة السريعة لأي مشاكل من الممكن أن تحدث لا قدر الله بسبب هذه الحشود الكبيرة، وهو ما يعكس نجاح المملكة الباهر في تنظيم هذا الحدث الديني الكبير على مدار السنوات الماضية، ويظهر القدرة العالية التي تتمتع بها في إدارة الحشود، والتي بات مشهود لها عالميًا بالكفاءة والاحترافية، وذلك وفق أعلى معايير الأمن الأمان والسلامة والراحة للحجاج دون أن يشعروا بأي مشقة.
نُهنئ أنفسنا وقيادتنا بنجاح موسم الحج لهذا العام والذي ما كان ليتحقق لولا توفيق الله عزَّ وجلَّ ثم العناية الكريمة التي أولاها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد -حفظهما الله - لخدمة ضيوف الرحمن، وأخصُّ بالشكر كافة الجهات الحكومية والأهلية، وكل من شارك في تقديم الخدمة لضيوف الرحمن، ونسأل الله جلَّ وعلا أن يجعل خدمة المملكة قيادةً وشعباً للحرمين الشريفين عملاً خالصاً لوجهه الكريم، وأن يُجزي قيادتنا خير الجزاء على كل ما تقدّمه من اهتمام، من أجل الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، كما أسأله سبحانه أن يتقبل من حجاج بيته حجهم، وأن يعيدهم إلى بلدانهم سالمين غانمين.