إيمان الدبيّان
قيل في الأمثال العربية القديمة: الجار قبل الدار، واليوم نقول كود العمار قبل الدار، والمخطط السكني قبل التصميم المنزلي.
سمعنا وقرأنا عن كود البناء السعودي وعرفته أكثر عندما زرت إحدى القريبات التي تقوم ببناء عمارة سكنية تشتمل على شقق سكنية للتمليك وقرأت عنه وعن شروطه ولوائحه وما فيها من التزامات يجب تطبيقها والتي منها: ما يتعلق بالحماية من الحرائق -لا قدر الله- ولكني لم أرَ التزام صاحب المبنى بوضع مخارج للطوارئ أو نقطة تجمع في حال حدوث حريق، واُكتفي على الأغلب بوضع رشاشات للمياه.
أسئلة كثيرة بدأت تدور في مخيلتي واسترجاع لمعلومات في مادة إدارة المخاطر في مرحلة دراستي، ومنها:
لو حدث أي خطر متعلق بالحريق في مبنى يتكون من مجموعة شقق سكنية أين مخرج الطوارئ لهذه المجموعة؟!
وأين نقطة التجمع؟
لماذا لا يكون لكل شقة خزان وقود خارجي إلزامي، أو يكتفى بالمواقد الكهربائية بدلا من أنابيب الغاز الصغيرة؟
لماذا لا تُلزم كل شقة بوضع طفايات حريق خاصة في المطابخ؟
لماذا لا يلزم صاحب العمارة السكنية بوضع خرطوم مياه خارجي وفي كل دور من المبنى مخصص لإطفاء الحريق مما يسهل عمل الدفاع المدني؟
لماذا لا يلزم أصحاب العمائر السكنية بنظام اتحاد الملاك ويكون هذا الاتحاد هو المسؤول أمام الجهات المعنية بتقديم التصاريح والشهادات ومتابعة صلاحيتها؟
لماذا لا توضع أجهزة إنذار للحرائق داخل العمائر السكنية؟
كثر السؤال بماذا وآخرها لماذا لا يلزمون بوضع خط كهربائي أرضي لامتصاص وجذب الصدمات والالتماسات الكهربائية؟
وهذا كله وكثير غيره تحت ما يسمى بإدارة المخاطر قبل وقوعها وليس بالتعديل والإلزام بعد حدوثها.
إن كود البناء السعودي خطوة جبارة ومتطورة تشكر عليها وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان؛ ولكني أتمنى أن ينظر بشكل أوسع إلى موضوع الحماية من الحرائق، وأتمنى كذلك أن يطبق في الكود اشتراطات التعامل مع النفايات وتأمين مخارج لها؛ خاصة وأننا ملزمون في السنوات القليلة القادمة على وجوب الابتعاد عن المرادم بنسبة 94 %.
وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان لم تقف عند كود البناء، بل طورت واعتمدت أيضا اشتراطات المخططات السكنية وحرصت على تطبيق جودة الحياة لكل من يسكن هذه المخططات من مسارات وحدائق؛ ولكني أيضا أتمنى أن يلزم أصحاب هذه المخططات بتوفير البنية التحتية من تصريف للمياه والسيول وإنارة ورصف للشوارع قبل بيع المخطط، فكيف سيستمتع الساكن بالمشي في المسارات، أو التجول في حديقة الحي، والتحويلات تحيطه وتعوقه، وكيف سينعم بحياة جيدة وأعمال الحفر توقظه فجرا وقد تسامره ليلا؟!
كل الجهات المسؤولة تعمل بجد وإصرار على تحقيق برامج ومستهدفات الرؤية السعودية ومن الطبيعي أن يُجرى تعديل على اللوائح والأنظمة مما يساعد في تحقيق المؤشرات المأمولة والنتائج المطلوبة بشكل أسرع وبجودة أوسع.
كل نجاح لأي تطور لا بد أن يكون للمواطن دور فيه بداية من وعيه ونهاية بالتزامه سواء كان هذا المواطن مالكا للمبنى أو مستأجرا بائعا للمخطط أو مستثمرا فجميع ذلك لنا حاضرا ولأبنائنا مستقبلا وللوطن دائما.