عبده الأسمري
ما بين التاريخ المعتمد على التحقيق والترسيخ المستند على التوثيق بنى «هرم» السيرة ودفع «مهر» المسيرة بأثمان «الأدب» وائتمان «الثقافة»..
ما بين العراقة والأصالة ومن عمق «المهارة» إلى أفق «الحضارة» كتب متون «الجدارة» على صفحات «الأصول» وأسس فنون «المهارة» في منصات «الفصول» رافعاً راية «الأولوية» ومحققاً غاية «الولاء» ليهدي للأولويات «سبق» الاهتمام» ويمنح البدايات «عبق» الالهام مولياً قبلة همته شطر «المعارف» وموجهاً بوصلة حنكته نحو «المشارف».
إنه مدير عام الأندية الأدبية سابقاً المؤرخ والأديب عبدالله محمد الشهيل رحمه الله أحد رواد الحركة الأدبية الثقافية في الوطن.
بوجه عريض الوجنتين تسكنه علامات الهدوء وتؤطره سمات السكينة وملامح مألوفة يطغى عليها «الوقار» وتقاسيم خليطة من الهيبة والطيبة تتشابه مع والديه الكريمين وتتقاطع مع أخواله وأعمامه وعينان واسعتان تسطعان بنظرات «التدبر» وتلمعان بلمحات «التبصر» وأناقة مشكلة ترتدي «البهاء» وتعتمر «الزهاء» تتكامل على محيا «أنيق» الظهور «متأنق» التواجد وشخصية هادئة الطباع أصيلة القول نبيلة الفعل جميلة الوصال موضوعية النقاش أمينة الحوار رفيعة الرأي وكاريزما مزيجة من أدب عميق وتهذيب متعمق وصوت مشكل من لهجة وطنية «بيضاء» في اتجاهات «المجتمع» ولغة فصيحة «عصماء» في آفاق «العمل» ومخزون « ثقافي» مذهل ومكنون «أدبي وتاريخي» فريد قضى الشهيل من عمره عقودا وهو يهدي للأدب والتاريخ «بشائر» الإنجاز ويمنح الثقافة «تباشير» الاعتزاز ويرتب مواعيد «المعرفة» على أسوار «التمني» ويرسم للأجيال «خرائط» ثقافية ويبقي للمستقبل «مناهج» أدبية ويؤصل للوطن «معالم» من الإرث التاريخي والموروث المعرفي في مآثر ظلت ناطقة في صدى «الأثر» وسامقة في مدى «التأثير».
في مكة المكرمة أطهر البقاع وأبهى الأماكن ولد عام 1939 في منزل «والده» وتناقل الجيران والأقارب الخبر المبهج الذي ملأ الاتجاهات بعبير «الفرح» وأثير «السرور»
خطا الشهيل خطواته الأولى طفلاً على «ثرى» أم القرى الطاهر مجللاً بطهر المكان ومكللًا بجوهر الزمان ونشأ بين والد كريم أصيل أسبغ عليه بوصايا «التربية» وعطايا «التوجيه» وعلمه ماهية «الوعي» سراً وعلانية وأم حنونة ملأت وجدانه بعاطفة الأمومة وأغدقت عليه بدعوات «التوفيق» في خلوات «التهجد» وصلوات «القيام» فنشأ مشمولاً بكرم «عائلي» منحه «تذكرة» العبور إلى ضفاف «الأمنيات».
تعطرت أسماعه في طفولته المبكرة برياحين «التكبير» في جنبات المسجد الحرام وتعتقت نفسه بمضامين «التعبير» في روحانية غمرت داخله بدواعي «التيقن» ومساعي «اليقين» وانخطف صغيراً إلى حكايات «الفالحين» ومرويات «الكادحين» في مجلس والده ووسط مرابع «المكيين» وفي أخبار الزائرين فتشكلت في ذهنه أولى «خرائط» النشأة المسجوعة بالحرص والمدفوعة بالتدبر.
ظل يقتنص من سحن «العابرين» في الأسواق و»السائرين» أمام الأحياء ومضات «الفلاح» واستمر يشبع فضوله «المعرفي» المبكر بإجابات وافية من أبيه كانت بمثابة «القناديل» التي أنارت له دروب «الغد» ومهدت له «مسارات» التعلم.
درس السنة الأولى الابتدائية في مكة المكرمة ثم بدأ في مراحل من «الترحال» صنعت له «مسارات» مبكرة من التنقل بين الشعوب والأمكنة والأزمنة سبرت «أغوار» ذاته العاشقة للابتكار والتجديد حيث سافر إلى بغداد وأتم دراسته فيها وعلى عتبات «انتقال» مرتبط بعائلته رحل إلى لبنان الساطعة بالعلم والتعلم حينذاك ودرس فيها مرحلته المتوسطة بين «وجوه» مختلفة وثقافات متنوعة وحصل أيضاً على دبلوم العلوم التجارية والثانوية
وكان خلالها طالباً مجداً يتردد على المكتبات الشهيرة في بيروت ويجول بين مقاهي «المثقفين» مراقباً دوائر «الثقافة» مرتقباً مصائر «المعرفة» في رفقة مستديمة مع الكتب وصحبة دائمة مع المجلدات ليظل ثاوياً في أهل «العلوم» باحثاً عن اتجاه متجدد يروي به «عطش» نفسه الباحثة عن التعلم متخذاً من «الاغتراب» صرحاً أطل منه على «معالم» التأليف و»عوالم» التوصيف وتعرجات «الجغرافيا» ومعارج «التاريخ».
بعد أن أنهى دراسته سافر مع أسرته إلى الرياض وأعاد السنة النهائية من الثانوية بعد معادلتها له عام 1961م.
التحق بالدراسة الجامعية والتحق بكلية الآداب بجامعة الرياض وحصل منها على درجة البكالوريوس في التاريخ وواصل دراسته ونال درجة الماجستير في التاريخ الحديث من جامعة الإسكندرية 1980م.
التحق بالعمل الحكومي حيث عمل في وزارة الشؤون البلدية والقروية لفترة من الزمن ثم انتقل للرئاسة العامة لرعاية الشباب بطلب من الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- حيث عينه مستشاراً ثقافياً بمكتب سموه ومكث فيه لسنوات ونظراً لكفاءته وتميزه في عمله ومهارته في التخطيط والتطوير فقد تم تعيينه على منصب مدير عام للأندية الأدبية وقد أسهم بشكل متميز في هذه المهمة وأسهم في تطور أداء الأندية الأدبية وتنوع إنتاجها وخططها ومنجزاتها وكلف بعد ذلك رئيساً لنادي الرياض الأدبي. وأسهم في تأسيس الجمعية السعودية للثقافة والفنون وغيرها وله عضويات متعددة في العديد من القطاعات والهيئات وتم تكريمه في أكثر من محفل.
اهتم الشهيل بالنشر والكتابة كثيراُ حيث نشر العديد من الدراسات والمقالات والرؤى في عدد من الصحف والمجلات المحلية والعربية.
وأصدر الشهيل عدة مؤلفات تاريخية وسياسية ومعرفية متنوعة منها صور عربية من إسبانيا وكتاب فترة تأسيس الدولة السعودية المعاصرة «دراسة تاريخية تحليلية» وكتاب إسرائيل وتحديات المستقبل وكتاب محطات عمر، وكذلك كتاب «التطور التاريخي للدولة السعودية في دورها الأول قراءة في أحوالها الدينية وتطورها السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي». وكتاب عن سيرة والده بعنوان «محمد بن عبد العزيز بن راشد بن عبدالله بن شهيل العائذي» وله الكثير من المناشط والمحاضرات والأمسيات المتنوعة.
انتقل الشهيل إلى رحمة الله تعالى في ديسمبر من عام 2018 بعد معاناة مع المرض وووري جثمانه مقبرة الشمال في العاصمة الرياض وقد نشرت عشرات الصحف والمواقع والوسائط نبأ الوفاة واصفة الفقيد بالرمز الثقافي والأدبي وأحد الرواد المؤثرين في الساحتين الثقافية والأدبية ونعاه زملاء المهنة ورفقاء الدرب وأصحاب المرحلة وأصدقاء الحرف والذين أجمعوا على وفائه على الجانبين العملي والشخصي وحبه لوطنه وعشقه لتاريخه وجهوده الكبيرة وبصماته المضيئة في الشأن المعرفي.
امتاز الشهيل بالأمانة في الطرح والإخلاص في الكتابة والنزاهة في الرأي والشفافية في النقاش والموضوعية في الحوار.. وكان طوال حياته شغوفاً بمهامه عطوفاُ على أسرته ودوداً مع عائلته ملهماً في عطاءاته سخياً في توجيهاته مبدعاً في رؤيته متمكناً في قوله قوياً في حجته نزيهاً في رأيه وترك من بعده «ذرية» صالحة فالحة زرع فيهم «معاني» الإبداع و»طرائق» الاقتداء.
عبدالله الشهيل.. الأديب الأصيل والمؤرخ النبيل صاحب «الإضاءات» الأدبية والإمضاءات «الثقافية» و»البصمات» التاريخية والاسم المضيء في قوائم «المفكرين» ومقامات «المبدعين».