سهوب بغدادي
تعرف البيوت المسكونة في مختلف الثقافات على مر الأزمان بتلك التي تحوي مخلوقات وكائنات غريبة أو أرواحا شريرة والأشباح والجن، وفي عصرنا الحالي مع توسع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وطرائقها، نجد أن البعض يخصص محتواه بشكل حصري لهذه الأمور أي الماورائيات والعوالم الخفية؛ إما بسرد القصص أو الشائع حاليًا باقتحام العالم الخفي عنوةً تحت عنوان المغامرة، بالطبع إن أغلب المحتويات ذات الصلة المنتشرة على المنصات غير حقيقية وعبارة عن فبركة بهدف كسب «الترند» والمشاهدات المؤدية إلى الشهرة، وتكون الأماكن المستهدفة عبارة عن مباني مهجورة أو آيلة للسقوط، كالمستشفيات والأسواق والمحلات التجارية، ولا ننكر أن ما يتعرض له المشاهدون بشكل متواتر خاصةً من اليافعين والأطفال ليس بالهين، ويسيطر على المخيلة والأفعال تباعًا فيكون ضمن التأثير السلبي على المتلقي، لذا انتشرت مثل هذه المقاطع لعدد من اليافعين في أماكن من المتعارف أنها مهجورة، لمحاولة تقليد ما شاهدوه، ومؤخرًا أقدم طفل على اقتحام أحد القصور المهجورة في الرياض، دون أدنى رقابة من ذويه، حيث تعد الرقابة من الأهل مفصلية في هذه الحالات، ويظل هناك شطر آخر من المسؤولية يقع على عاتق أصحاب الأملاك المهجورة، فمن المستحسن أن يتم سن القوانين التي تلزم صاحب الموقع بتأمينه وإحكام إغلاقه، إذ يتم استهداف هذه المواقع من قبل المخربين والعابثين عادةً وتشكل أوكارًا ملائمة لأعمالهم المغرضة -لا قدر الله- علاوة على ذلك، إن دخول الأشخاص وعلى وجه الخصوص الأطفال للأماكن المهجورة قد ينجم عنه أمور غير محمودة كضياع الشخص وفقده داخلها، من ثم انقطاع سبل التواصل والتوصل له باعتبارها أماكن مملوكة وليست من الأماكن العامة، فلن يتمكن الباحثون من دخولها إلا بعد الحصول على الإذن من أصحابها والجهات المعنية، كما لا يتبادر إلى الأذهان أن شخصًا بداخلها، فعندما يفقد شخص -حمانا الله وإياكم- يتم البحث عنه في الشوارع والأماكن العامة والمستشفيات، لا المنازل والأماكن المهجورة، من جانب متصل، يستحسن توظيف هذه الأماكن من قبل وزارتي الثقافة والسياحة بتحويلها إلى أماكن أثرية ومواقع سياحية على سبيل المثال لا الحصر، وتخصيص بوابة إلكترونية لاستقبال طلبات انضمام المواقع بحسب عمرها وموقعها وتاريخها، وإلا فإن إيصادها وتأمينها يكون أولى من تركها مرتعًا للعابثين.