أحمد المغلوث
في حياة المرأة السعودية والخليجية وحتى العربية في الماضي لم يكن لديهم فراغ كما هو الآن في الوقت الحاضر، كانت أمهاتنا ومنذ الصباح الباكر وبعد أدائهن صلاة الفجر تسارع كل أم لتجهيز ما تيسَّر في مطبخها لسفرة الطعام، وكان عادة ما يتكون من البيض والخبز الأحمر، هذا في الأحساء، وبالطبع تختلف نوعية الخبز من منطقة إلى أخرى، أو عادة ما يكون الحليب الطازج الذي قامت بحلبه من بقرتها أو عنزتها ومن ثم غليه وسكبه في الإبريق وإضافة الزعفران والسكر إليه.. وفي مثل هذا الوقت الحار تقوم بتجهيز سفرة الفطور بجانب الموقد في رواق البيت بعدما قامت بكنس الرواق وتنظيف السجاد والدواشق والمساند وحتى تبخير الرواق وتتنوّع السفرة الصباحية حسب إمكانيات كل بيت، ولكن في العادة تحرص أمهاتنا في الأحساء على وجود المخبوزات من كليجا وملتوت والحلوى وكل نوع تجده في «مطبقة فضية» ولم تكتف الأم بذلك، بل إنها وحسب رغبة الزوج والذي عادة ما يعود من صلاة الفجر حاملاً معه الخبز الأحمر الطازج والملفوف في «فوطة» وعادة يقوم بذلك عندما يكون موجوداً في المدينة، أما في حال غيابه لظروف عمله فيقوم أحد الأبناء بهذه المهمة، وفي حال كون الأبناء ما زالوا صغاراً فعادة يتفق الأب مع أحد المخابز القريبة من البيت بتكليف أحد «صبيان» المخبز بهذه المهمة.. وكم مضى من الزمن وأمهاتنا يقمن بالعديد من الأعمال في بيوتهن تساعدهن فتياتهن منذ الصغر حتى يكبرن ويكتب لهن النصيب وبالتالي تتخرَّج كل فتاة من بيت أسرتها وهي واعية بمختلف جوانب الحياة المنزلية وما تتطلبه من أعمال ومسؤوليات، وبعد انتشار التعليم حظيت الفتيات بدراسة «التدبير المنزلي» وما اشتمل عليه من تعليمهن أنواعاً مختلفة من المأكولات والأطباق أكانت محلية أو عربية أو حتى عالمية وبالتالي شهدت البيوت أطباقاً جديدة لم تكن معروفة أيامها إضافة إلى ما ساهم فيه «تلفزيون الظهران» من توعية وتعليم لكل من يشاهده رجالاً أو نساء. في مجال عالم المطبخ، وما زلت أذكر شقيقتي أم محمد -رحمها الله - وهي تسجّل كيفية إعداد بعض الأصناف الجديدة للعيد من كعك وبسكويت وحتى أنواع الحلو.. كنت أتابعها وأنا فتى بشغف وهي تردد بكلف عليك أحتاج تروح مخزن «حمزة» بعمارة السبيعي بالهفوف سمعت أن فيه كل ما نحتاجه من مواد لإعداد هذه الأطباق.. ودارت بي عجلة الذكريات وعن كفاح أمهاتنا وشقيقاتنا فيما مضى من زمن وكيف كانت الأمهات، وفيعز الحر يمارسن أعمالهن داخل المطبخ أو «الموقد» كن يعملن بحب بدون تأفف في خدمة أسرهن، بل والابتسامة تضيء وجوههن وكم كانت الأسر في الماضي تفخر وتعتز باستمرارية زواج بناتهن وهن صغيرات ومع هذا كن محدودات التعليم يا دوب يفكن الخط ويحفظن البعض من قصار السور، ومع هذا وقبل هذا تخرَّج من بين أيديهن وزراء وعلماء ومفكرون ليس في بلادنا فحسب وإنما في مختلف دول العالم، واليوم ومع الاحترام والتقدير لكل المتزوجات والمتعلمات زادت ظاهرة الطلاق بينهن، ولن أزيد.