جانبي فروقة
تقدر منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة أن السياحة العالمية تنمو بمعدل 15 % سنويا ويشير تقرير مجموعة بوسطن للاستشارات BCG أن السفر والسياحة تشكل 9 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بقيمة 9.9 تريليون دولار في عام 2023م ويعمل في مجال السياحة اليوم أكثر من 330 مليون شخص في جميع أنحاء العالم وفقا لمجلس السفر والسياحة العالمي. وبحلول عام 2034م يتوقع أن ينمو السفر والسياحة إلى 11 % من الاقتصاد العالمي وأن يمثل أكثر من 450 مليون وظيفة.
ويقف الذكاء الاصطناعي AI كمنارة للتحول في عالم السياحة حيث سيساعد في التركيز على الحلول الفعالة والشخصية للمسافر ما سيضيف قيمة مضافة للخدمة والتجربة الشخصية ويؤكد بحث ماكينزي على الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي التوليدي مثل القدرة على تحليل سلوك المسافر وتفضيلاته لتقديم توصيات مخصصة للوجهات وأماكن الإقامة والأنشطة وكذلك تقنيات التعرف على الوجه سيتم استخدامها لتسجيل الوصول في المطارات والفنادق ما يعزز الأمن ويبسط عملية السفر والتنقل وتوفير تجربة سفر أكثر سلاسة وأمانا وكذلك ستستخدم الروبوتات المجهزة بقدرات الذكاء الاصطناعي في مجال الضيافة للقيام بمهام مثل خدمة الغرف وخدمات الاستقبال والتنظيف وبدأت بعض المطارات تنشر الروبوتات للتعامل مع الأمتعة ومساعدة العملاء. وحسب ماكينزي أيضا فإن التخطيط الذكي لقطاع السفر والسياحة سيساعد الشركات السياحية باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل أنماط الحجز التاريخية وطلب السوق وتأثير العوامل الخارجية كالطقس والأحداث لتحسين الأسعار مما سيساعد على تحقيق إيرادات ومعدلات إشغال عالية في الفنادق وسيستخدم أيضا الذكاء الاصطناعي في الصيانة التنبؤية في قطاع النقل مما يساعد على توقع المشكلات المحتملة ومعالجتها في المركبات والطائرات قبل أن تتسبب في حدوث الاضطرابات.
وفقًا لبحث لمجموعة الأبحاث الوطنية (NRG)، وهي شركة عالمية للبيانات والرؤى، فإن المستهلكين متحمسون بالفعل بشأن التطبيقات المحتملة التي يمكن أن يقدمها الذكاء الاصطناعي في صناعة السفر ليكون كوكيل للسفر الافتراضي ويتوقع 46 % من المستهلكين في الولايات المتحدة أن يكون للذكاء الاصطناعي تأثير إيجابي شامل على تجربة السفر، بينما يتوقع أقل من نصف هذا العدد (18 %) أن يكون له أثر سلبي صافي على المسافرين. أيضًا، يقول 61 % من المستهلكين أنهم على استعداد لاستخدام الذكاء الاصطناعي للمحادثة للمساعدة في التخطيط لرحلة مستقبلية.
إن جودة تجربة الضيف أو المسافر بالنسبة للعديد من الأشخاص مرتبطة بالتفاعل البشري والذكاء الاصطناعي لن يحل محل البشر في نهاية المطاف بشكل كامل بل فقط في بعض الجيوب الخدمية والتقنية ولكن قطاع السفر سينمو وستنمو الوظائف المرتبطة به.
وتعلق جوليا سيمبسون الرئيس والمدير التنفيذي للمجلس العالمي للسفر والسياحة WTTC قائلة «يظهر الذكاء الاصطناعي كمحفز للتغيير الإيجابي وهو ليس مجرد تقدم تكنولوجي بل أداة استراتيجية يمكنها تخصيص العملاء ودفع التحسينات المستدامة وتشكيل مستقبل السفر والسياحة وتتابع أن الذكاء الاصطناعي يحقق نتائج مذهلة فالعديد من مجموعات الفنادق الكبرى بما في ذلك Iberostar تستخدم الذكاء الاصطناعي لرصد هدر الطعام والحد منه والذي أدى إلى توفير التكاليف بنسبة 27 % ومنع آلاف الكيلوجرامات من الطعام غير المرغوب فيه من الذهاب إلى مكب النفايات».
كما صدر تقرير عن Trip.com يظهر أن 75 % من المسافرين يفضلون خيارات السياحة المستدامة في المستقبل حيث يبحث المسافرون عن تجارب سفر تقلل من الأثر البيئي واليوم بدء الذكاء الاصطناعي يلعب دورا مهما في تحسين إدارة الوجهات السياحية من خلال تحليل بيانات تدفقات السياح وتقديم التوصيات حول كيفية توزيع الزوار بشكل متساو بين المواقع السياحية مما يقلل الضغط على المواقع الشهيرة ويحمي الموارد الطبيعية والثقافية وكذلك تقديم التوصيات للسياح حول الخيارات الصديقة للبيئة مثل الفنادق التي تستخدم الطاقة المتجددة أو المطاعم التي تقدم أطعمة عضوية ومحلية.
تسعى الدول اليوم لتبني استراتيجيات مبتكرة لتعزيز السياحة ومنها تعزيز السياحة الثقافية والتراثية والدينية وتطوير السياحة البيئية المستدامة واستخدام التكنولوجيا بتطوير تطبيقات سياحية مبتكرة تعمق التفاعل مع السياح للوصول إلى الشعور بالرضا والتجربة السياحية الفريدة المتميزة وتعزيز السياحة الفاخرة والسياحة العلاجية والرفاهية والسياحة الرياضية.
قال أمير الرحالة ابن بطوطة «السفر يجعلك عاجزا عن الكلام ثم يحولك إلى راو» ومع تطور الذكاء الاصطناعي سيتحول السفر إلى رحلة ذكية مستدامة تعزز تجربتنا وتثري قصصنا بأدق التفاصيل مما يجعلنا نرى العالم بعيون جديدة ونروي حكاياتنا بطرق مبتكرة»
** **
- كاتب مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية