محمد بن عيسى الكنعان
منذ ثلاثة قرون تقريبًا، والمملكة العربية السعودية تتولى - بكل اقتدار وإخلاص - مسؤولية جسيمة وتؤدي أمانة عظيمة، تتمثل في حماية الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة ورعايتها، وضخ المليارات لتنفيذ كل مشروعات التطوير والبناء، وتقديم أرقى الخدمات المتنوعة والشاملة لقاصدي بيت الله ومسجد نبيه - عليه الصلاة والسلام - من حجاج ومعتمرين وزوار.
خلال هذه المسيرة التاريخية بكل تفاصيلها المذهلة وتحدياتها العديدة نجحت قيادة المملكة وحكومتها وشعبها النبيل في تكريس النجاح عامًا بعد عام رغم أنف الحاقدين وكيد الكائدين. وهذا فضلٌ مَنَّ الله بِه علينا نحن السعوديين وشرف منحنا إياه ولله الحمد، وقد أشار إلى ذلك صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظه الله - في كلمته التي ألقاها إنابةً عن خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - في مستهل حفل الاستقبال السنوي لأصحاب الفخامة والدولة وكبار الشخصيات الإسلامية، وضيوف خادم الحرمين الشريفين، وضيوف الجهات الحكومية ورؤساء الوفود ومكاتب شؤون الحجاج الذين أدوا فريضة الحج لهذا العام؛ حيث قال سموه الكريم: «إننا في المملكة العربية السعودية نشكر المولى - عز وجل - أن شرفنا بخدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، والعناية بقاصديها والحرص على أمنهم وسلامتهم»، وأضاف: «ونعتز بمواصلة القيام بهذا الواجب العظيم، ونبذل الجهود وتسخير جميع الإمكانات، لتوفير سبل الراحة لضيوف الرحمن، منذ قدومهم حتى مغادرتهم إلى ديارهم سالمين غانمين بإذن الله تعالى». (واس)
المملكة وهي تبذل الغالي والنفيس، وتُسخّر طاقاتها وقدراتها البشرية والمادية، وتضخ من مواردها المالية لخدمة ضيوف الرحمن بما يُسّهل حجهم، ويحقق أمنهم حتى يعودوا لأوطانهم، إنما هي تقوم بذلك إرضاءً لله وعملًا بهدي نبيه - عليه الصلاة والسلام - وتأديةً لهذا الواجب الإسلامي العظيم، وتأكيدًا لمكانتها القيادية في العالم الإسلامي التي لا يُنازعها فيها أحد؛ لهذا نجد أصحاب القلوب الطيبة، والنفوس الصادقة، والشخصيات المنصفة هم من يؤكدون هذه الحقيقة، ويشهدون للمملكة - بقيادتها وحكومتها وشعبها - أنها خير من يرعى الحرمين الشريفين ويخدم ضيوف الرحمن، أولئك هم من يتحدث عن الإنجاز الذي يُشبه الإعجاز في إدارة الحشود، وتحقيق الأمن دون أذى، وتقديم كل خدمات الرعاية الطبية، والسكن، والنقل، والإعاشة، والاتصالات، في منظومة تقنية مميزة.
أما من يقف في الضفة المقابلة من إعلام معادٍ، أو شخصيات مضطربة، أو نفوس مريضة، أو كلاب نابحة - أعزكم الله - فهؤلاء لا يزنون الأمور بمعايير الإنصاف كي نقبل رأيهم، ولا يحكمون بموازين العدالة كي نرضى بحكمهم، ولا يتصفون بأدنى درجات الموضوعية الحقيقية كي نقتنع بطرحهم، إنما يُغذي الحقد نفوسهم، وتأكل نار الحسد صدورهم تجاه كل ما هو سعودي، فما بالك عندما يتميز السعودي بتحقيق إنجاز، أو يكتب قصة نجاح، بل ما بالك عندما يكون ذلك في موسم الحج، الذي يعتبر أكبر حدث ديني موسمي تعيشه الأمة، وأعظم مؤتمر إسلامي يجمع المسلمين كل عام، وتنظمه حكومة المملكة بتوجيه من قيادتها الرشيدة ومتابعتها الدقيقة، ودعم فعّال وتكامل إيجابي من شعبها الأصيل، في أجواء آمنة، وخدمات وافرة، وأحوال يسودها اليُسر وتُجللها الطمأنينة. لا شك أن ذلك يزيدهم غيظًا ويقتلهم كمدًا؛ لهذا تجدهم يحاولون تشويه موسم الحج بالأخبار الملفقة، والمقاطع التصويرية المفبركة، والتقارير الإعلامية المسمومة، فقط للطعن بالسعودية قيادةً وحكومةً وشعبًا. لكن الله سبحانه وتعالى يعلم بصدق النوايا وحسن الأعمال، وهذا ما شهده ضيوف الرحمن واقعًا خلال أيام الحج من أكبر مسؤول سعودي إلى أصغر متطوع في منظومة أعمال الحج. كما أن السعودية منذ تأسست لا يُضيرها نباح الإعلام المعادي، ولا تهزها أباطيل التيارات والجماعات المتأسلمة، ولا تهتم لأكاذيب مرتزقة منصات التواصل، فهي تتعامل بلغة الأرقام وتعلنها، وتثبت بالحقائق على أرض الواقع، وبشهادة ضيوف الرحمن، فليس لديها شيء تُخفيه، لأنها ببساطة لا تخاف أحدًا، سواء دول أو منظمات أو تيارات أو حتى شخصيات.