سهوب بغدادي
وفقًا للتعريف الرائج فإن «الكبسولة الزمنية مخبأ تاريخي للمتاع أو المعلومات، والهدف منها عادة التواصل مع الناس في المستقبل، كما يتم إنشاء كبسولات الزمن ودفنها في الاحتفالات مثل وجود معرض عالمي أو وضع حجر الأساس لمبنى أو غيرها من المحافل والمناسبات» فيما يجذب هذا المفهوم الأطفال بشكل كبير لما يتضمنه من الإثارة التشويق.
إن المفهوم جميل جدًا عندما تجد أشياء من الماضي وتعد كنزًا ثمينًا، ليس بالمعنى الحرفي ولكن في قيمته وعراقته، فيما تخرج كبسولة الزمن عن تجسيدها المعتاد المتمثل بالأشياء والجمادات، إلى تجسيد حي من خلال الإنسان والأشخاص، ابتداءً من المعمرين وكبار السن، فهم حقًا قادمون من زمن غير زماننا، وتبدو حكاياتهم وقصصهم عن حياتهم السالفة من وحي الخيال، وفي حالة أخرى، قد تكون أنت الكبسولة بالنسبة لأطفالك أو أصدقائك.
حقًا، صدمت عندما التقيت بصديقة الطفولة صدفة في أحد الأماكن العامة وقد عرفتها وأنكرتها في ذات الوقت، فكيف بالشيب أن يغزو رأس تلك الطفلة البريئة! كان ذلك المشهد بمثابة الصفعة التي جعلتني أعي أنني أنا الكبسولة المتحركة، فقد تكون حالة الكبسولة ممتدة وغير منقطعة أو لهنيهات معدودة في موطن ما، بلا شك، إن المفهوم إيجابي وسلبي باختلاف المنظور الشخصي وموقع الفرد منه، فالمعمر وكبير السن يقع في موضع الحنين القاتل لما يعكسه، أما المتلقي فينبهر بما يسمع ويرى ويشعر بالفرادة والاستفادة احتمالًا، ولا نستطيع أن نحصر مفهوم الزمن في جمادات وأشخاص، بل هناك أمور أخرى متاحة لنا من الماضي بشكل كبير كالفن «لوحات الفنانين القديمة» والعمارة «المباني الأثرية وما وجد في المتاحف»، والموسيقى «ألحان من حقب زمنية بشتى اللغات»، وأزياء تراثية، وروائح عطرية، فلو توقف الشخص للتأمل في يومه وحياته سيجد أنه محاط بكبسولات زمنية وأن حاضره عبارة عن مزيج بين ماضيه وماضي غيره، والأهم من ذلك كله أن يستشعر الشخص هذه الميزة والنعمة وأن يعمل على تحسين حياته وحاضره الذي سيضحي إرثًا لغيره.
«اللي ما له أول ما له تالي»