د.محمد بن عبدالرحمن البشر
وجود قوم أو مجموعة باسم يأجوج ومأجوج حقيقة لا مراء فيها، لأنها وردت في القرآن الكريم، في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ} وقال تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} (98)، كما وردت أيضاً في عدد من أسفار التوراة والإنجيل، ذكر ليأجوج ومأجوج، صاحب ذكرهم ذكر الحديد، وهذا يعني أنهم كانوا متواجدين في العصر الحديدي، والغالب أن الاستفادة من الحديد والقدرة على تصنيعه للسلاح وغيره قد بدأت في هضبة الأناضول عام ألف ومائتين قبل الميلاد، وربما قبل ذلك، والنبي موسى عليه السلام، كما تذكر التوراة عاش في عام ألف وثلاثمائة وتسعة وثلاثين قبل الميلاد، كما ذكر القرآن في الحديث عنهم مشرق الشمس أي أن موقع السد في الشرق، وهذا ما يجعل المرء يتوقع وجود السد هناك، كما ما يتطابق مع ما قيل انه يقع في في وادي بين جبلين في جبال القوقاز بين ارمينيا وأذربيجان، أي المنطقة التي يقع بها النزاع بين الدولتين في الوقت الحاضر، وتعددت الأقاويل عن كنههم، فقيل انهم قبائل السكونين، أو الهون، أو الخزر، كما نقل لنا التاريخ بعضاً مما ذكر عن صفاتهم.
وفي قصة طريفة رواها شفاهة سلام الترجمان الذي عاش في عصر الواثق بالله هارون العباسي، وسطرها لنا صاحب كتاب المسالك والممالك، يذكر تكليف الخليفة العباسي له، وتزويده بالمال اللازم وديته إن مات، وأرسل معه خمسين شابا قويا لمساعدته، وسلام الترجمان كما يقال انه يتحدث ثلاثين لغه، لهذا تم إرساله، وقد ذهب في رحلته بعد أن خطط لها جيداً حتى وصل إلى هناك، وأخذ في البحث عن آثار السد إلى أن تمكن من العثور عليه، وقد أخذ قطعة من الحديد انتزعها من السد، وأخذها معه إلى الخليفة، ليبرهن على إنجازه المهمة، وقد روى قصته، وما تعرض له في رحلته التي استغرقت ستة عشر شهراً ذهاباً، واثني عشر شهراً إيابا بعد أن غير طريق رحلته.
كما قرأت كتاباً حول الموضوع قبل عدة سنوات، أهداه لي شخصية كريمة مرموقة، وقام صاحب الكتاب ببحث حول موقع السد، كما قام برحلة طويلة زار فيها عددا من الأماكن في الشرق، حتى وصل إلى الصين، ويعتقد أنه وجد السد المنشود مدفوناً تحت باطن الأرض في مياه ضحلة، بعد أن تأثرت ببركان ثار فأخفى معالمها وأسرارها، وأسهب في تفصيل الفكرة التي وردت إلى خاطره ودعته إلى القيام بما قام به، ونهاية القول انه لا أحد يعلم مكانه بعد، والأقوام التي كانت هناك، وسبحان الله رب العالمين.