ميسون أبو بكر
صديقي الفرنسي المثقف ميشيل فيرنيه تحدث معي كثيرا عن الحج وكان دوما يطرح كثيرا من الأسئلة حول اجتماع ما يقرب من مليوني حاج في وقت واحد وفي مكان واحد ويتوافدون سويا من مشعر لمشعر صغارا وطاعنين في السن ومنهم من برفقة أطفالهم، ومن مختلف أصقاع العالم ولغاته، شعوب تأتي من كل صوب، الغني والفقير والعالم والبسيط الذي لا يملك من معطيات هذه الحياة وثقافتها شيئا.
بالنسبة للغرب تحديدا الحج موسم مبهر محفوف بالتشويق ولديهم كثير مما يريدون سبر أغواره ومعرفته ويتطلعون إلى هذا الحدث الكبير كل عام مبهورين به كطقس ديني وتجمع إنساني وجهد دولة عظيم، فكيف تحتشد هذه الحشود المليونية في بقعة واحدة آمنة مطمئنة تسخر لها كل الجهود من حكومة المملكة العربية السعودية، ثم تنتقل باطمئنان وترتيبات عظيمة من مشعر لآخر!
الغرب الذي لا يسخر جهوده بالمجان يستغرب الإمكانات المادية المقدمة من الدولة وفزعة أبنائها وتطوع الشعب لخدمة حجاج بيت الله وتيسير أمرهم ثم يأتي البعض من أبناء جلدتنا وديننا ليستنقصوا هذه الجهود العظيمة أو يكيلوا اتهامات باطلة لمقاصد سياسية وغايات شيطانية مسيئين لمن يحسن للإسلام والمسلمين محبة وطوعا!
المعادلة صعبة جدا وصعب استيعاب هذا الجحود والنكران والحقد والكراهية والغل! والمخططات التي من شأنها ان تضعف الروابط بين العرب والمسلمين وكذلك تحشد في القلوب الكراهية فنرى ونقرأ ما تتداوله وسائل التواصل الاجتماعي من سموم وأمور كاذبة مضللة لا موقع لها في الواقع والحقيقة، كما أن هناك منظمات معروفة تكرس أفرادها وخلاياها لإثارة الفوضى ويتبعهم المساكين وأهل الجهل على غير هدى وتغريهم عباراتهم التي يوظفونها بذكاء للنيل من بلاد الحرمين، وهم أنفسهم الذين يتصيدون كل فرصة للتخريب وزرع مفاهيم ومشاعر خاطئة ضد المملكة ومنهم كالجرذان الذين يأتون للحج لعقد التجمعات وحمل الشعارات والهتافات وإثارة الفوضى.
تصاريح الحج لم تبتكر عبثا، بل هي الضمان للحاج بحج ميسر آمن ونظامي يضمن له التحرك بنظام يحمي حياته ويحفظ حقوقه كاملة ويوفر له كل الإمكانات التي تيسر رحلته.
في كل عام تبتكر الدولة ما استطاعت ما يسهل أمر هذه الفريضة وييسر على حجاج بيت الله؛ وتسخر كل الإمكانات لخدمة ضيوف الرحمن، ويعود أولئك المتربصين وكيدهم في نحورهم ومساعيهم باءت بالخسارة والفشل، فلك الحمد ربي أن جعلت هذه البلاد محط أنظار العالم وإن كره الكارهون.