حاورها - عوض مانع القحطاني/ تصوير - عبدالله المسعود:
هناك نساء في مجتمعنا.. لهن إسهامات وعطاءات في خدمة دينهن ووطنهن، في دعم العمل الخيري والتطوع في كل ما يخدم الإنسان على هذه الأرض.
لقاؤنا في هذا الحوار مع الأستاذة جواهر بنت محمد بن صالح رائدة في مجال تكريم الموهوبين والمتميزين من الفئات الخاصة من خلال جائزة الشيخ محمد بن صالح بن سلطان رحمه الله منذ 19 عاما بالإضافة إلى دعمها
وإشرافها على مدارس تحفيظ القرآن الكريم الخيرية في العديد من الجمعيات الخيرية في المملكة.. إلى نص الحوار:
** أين كانت نشأتكم ومراحل التعليم؟
- نشأتي كانت في مدينة الرياض ونحن من أهالي حريملاء وقد عشت حياة طبيعية مع أهلي وتعلمت في المدارس الأهلية حتى حصولي على الثانوية العامة، ثم التحقت بجامعة الملك سعود تخصص أدب إنجليزي، بعد ذلك واصلت الدراسة وحصلت على الماجستير من جامعة الملك سعود في الإدارة، قدمت على شهادة الدكتوراه ولكن حصلت لي ظروف ولم أستطع إنجازها.
** بعد حصولك على التعليم الجامعي أين اتجهت؟
- بعد أن حصلت على تعليمي الجامعي اتجهت للتدريس لأنني أحب وأعشق هذه المهنة منذ الصغر، عملت معلمة إنجليزي للمرحلة المتوسطة والثانوية في إحدى المدارس في مدينة الرياض ثم بعد فترة وبعد حصولي على الماجستير اتجهت للإشراف التربوي بوزارة التعليم وعملت في هذا الموقع ما يقارب من 20 عاماً، وقد تقاعدت مبكراً للتفرغ للعمل مع والدي من خلال العمل الخيري في مجال المحاسبة وإعداد شيكات التبرعات للجمعيات الخيرية وإعداد الخطابات، وقد حظيت بالقرب من والدي واعتماده على الله ثم عليّ في متابعة أي عمل خيري يخدم المحتاجين.
450 جمعية خيرية في ذلك الوقت
كان في المملكة ما يقارب من 450 جمعية خيرية في كافة المجالات في ذلك الوقت، واليوم أصبح عدد الجمعيات الخيرية ما يقارب من حوالي 4000 جمعية تخدم العمل الخيري، وكان والدي رحمه الله يدعم الجمعيات بمبالغ مختلفة، وكان أقربها إلى نفسه جمعية إنسان خاصة أن الملك سلمان عندما كان أميراً للرياض كان هو رئيس مجلس إدارة هذه الجمعية، وهو أحد المؤسسين لها والداعمين هو ومجموعة من أهالي الرياض حيث تعتبر هذه الجمعية من الجمعيات المهمة والقوية في ذلك الوقت وكانت مهتمة بالأيتام ويوصينا بالاهتمام بهذه الفئة لأنها عزيزة، وقد سعت هذه الجمعية إلى تغيير الأنظمة التقليدية القديمة في مساعدة الأسر حيث بدأت في استخدام البطاقات في دعم الأسر من خلال التعاقد مع بعض المحلات الكبيرة لشراء الحاجات الضرورية من خلال المبلغ المحدد لهم وحسب ما يناسبهم من ذوقهم حيث كان يصرف لهم رواتب شهرية تصرف على الأيتام من خلال منحهم بطاقة بنكية.
والدي طلب أن أكون متطوعة
والدي رحمه الله من حرصه على عمل الجمعية طلب مني أن أكون متطوعة في هذه الجمعية، وأنا كنت في ذلك الوقت في وزارة التعليم، وقد أخذت موافقة من وزارة التعليم أن أبقى على رأس العمل وأن أكون متطوعة في وزارة الشؤون الاجتماعية في ذلك الوقت وما زلنا ندعم ونواصل وصية الوالد رحمه الله.
** والدك هو من أنشأ أول مدارس لتحفيظ القرآن في حريملاء.. حدثينا عن هذه المدارس؟
- والدي كان مهتماً بالجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن خاصة في مدينة الرياض، وكان يدعم هذه الحلقات وهذا أحب عمل له؛ ففي عام 1400هـ أنشأ مدرسة للأولاد والبنات في حريملاء وقد أحضر مدرسين من مصر والسودان وسوريا وبعضهم ما زال موجودا في هذه المدارس، وقد خرجوا أجيالا من الحفظة، وكان يصرف لهم مكافآت شهرية وهذه المدارس تحت إشراف الدولة وهذه المدارس على نفقته الخاصة وما زالت إلى اليوم وتقبل السعوديين وغير السعوديين، وقد كلفني الوالد بإدارة هذه المدارس وقد تعلمت في هذه المدارس الشيء الكثير، وعقب أن تمكنت من العمل فيها تم تعييني مشرفة عامة على المدارس.
** كم عدد الطلاب في هذه المدارس؟
- زمان كان عدد الطلاب والطالبات كبيرا كان لدينا أكثر من 400 طالب، ولكن مع التقنية الحديثة تقلصت هذه الأعداد وكذلك للهجرة إلى المدن والناس تفرقوا بسبب مشاغل الحياة، فأصبح لدينا أعداد قليلة من الطلاب، والدراسة في هذه المدارس مسائي وكبار السن يدرسون عن بعد، ويعطون شهادة الإتمام الأجزاء التي تحفظها من القرآن الكريم.
** كيف بدأت فكرة تكريم الطلاب والطالبات المتميزين والموهوبين من الفئات الخاصة؟
- بعد وفاة الوالد رحمه الله ترك أوقافا كثيرة للصرف على الأعمال الخيرية؛ فقد فكرت في شيء متميز كيف أعمل عملا يحمل اسمه فأنشأنا جائزة باسم الشيخ محمد بن صالح بن سلطان للتربية الخاصة، نكرم فيها المبدعين والموهوبين وبالفعل طرحت الفكرة على الأستاذة حصة آل الشيخ بحكم أنها تعمل مع الفئات الخاصة، وقالت هذه فكرة رائعة، ولم تنفذ من قبل وطرحنا الفكرة على د. ناصر الموسى مدير عام التربية الخاصة بوزارة التعليم وتمت الموافقة وشكلت لجان لوضع ضوابط وشروط وآليات هذه الجائزة خاصة أن هذه الفئة تحتاج إلى التشجيع والدعم وإبراز المواهب.
** كيف تتم الترشيحات لهذه الجائزة؟
- الترشيحات شكلت لها لجان من مشرفين ومشرفات يعملون في كافة الإعاقات وأدخلنا فيها التفوق في التعليم والأعمال الفنية وحفظ القرآن والإبداع الفني العلمي والرياضة ونعمل مفاضلة، ومن ثم يختار العمل للترشيح والحصول على الجائزة وحتى التعليم الجامعي تم إدراجهم للحصول على الجائزة.
** كم عمر الجائزة حتى الآن؟
- الجائزة لها ما يقارب من 18 عاماً وهناك إقبال على الجائزة، والترشيحات التي تأتي للجان العلمية وهدفنا من هذه الجائزة خدمة هذه الفئة وتشجيعهم.
** عند أي فئة تكون الموهبة؟
- من خلال الخبرة والعمل في هذه الجائزة توزع الاستمارات على كل فئات الإعاقات، حيث نجد المكفوفين عندهم مواهب لا توجد حتى في الأسوياء، عندهم ملكة الحفظ خاصة في مجال حفظ القرآن الكريم والمفاضلة تختلف من إعاقة إلى إعاقة في مجال حفظ القرآن الكريم، الفئة الأخرى المبدعة هم فئات الصم في مجال الرسم مبدعين وعندهم إحساس ويعبرون عن أنفسهم وما بداخلهم من خلال الريشة، وقد تم إنشاء معرض (خالد التشكيلي بريشتي أتحدى إعاقتي) رحمه الله وهو شقيقي، حيث كان مهتماً بإبداعات هؤلاء الصم وهؤلاء المكفوفين، وفي كل مرة يحضر افتتاح المعرض ويشتري إنتاجهم دعماً لهم، وقد توفي اثر سكتة قلبية فسمي المعرض باسمه تكريما له، والمعرض عليه إقبال من الزائرين لشراء العديد من اللوحات والمنتوجات.
** من خلال تجربتك مع هذه الفئات.. كيف تقيمين اهتمام الدولة بهذه الفئة؟
- خير دليل على ذلك هو رعاية الأمراء لحفل هذه الجائزة، الدولة ترعى جميع فئات المعوقين وترعى العمل الخيري والإنساني كما أن رؤية المملكة 2030 قد شملت كل الفئات الخاصة ووضعت لها استراتيجيات وهناك تطور ملحوظ في مجال التعليم والاهتمام برياضة المعاقين وكذلك الاهتمام بحقوقهم، ولا يزال هناك حاجة إلى التوعية ولابد أن يشارك المجتمع في خدمتهم.
** ما نصيب المعاقين الرياضيين ضمن هذه الجائزة؟
- كل متفوق يحق له أن يكرم والجائزة مفتوحة للجميع.. كما قامت الجائزة بتكريم المنتخب السعودي لذوي الإعاقة الذي حصل على كأس العالم من خلال التنسيق مع رعاية الشباب وهذا دورنا أن نبحث عن المتميزين من ذوي الإعاقة.
كرمنا حتى الآن 800 موهوب
** كم عدد الطلاب الفائزين منذ انطلاقها؟
- تم تكريم ما يقارب من 800 طالب وطالبة من جميع مناطق المملكة والمحافظات، والجائزة تتحمل مصاريف تنقل الأسر الفائزة، والجائزة مشروع وطني خيري يخدم السعوديين.
** ماذا يعني لك هذا العمل؟
- يعني لي المتعة.. يعني لي كل شيء في حياتي أن أشاركهم أفراحهم وأستمر في دعمهم وتشجيعهم.. أنا عملت مع الأيتام ومع المعاقين وأنا متطوعة، والعمل الخيري يطهر النفس ويعطيك إحساسا بالأمان وراحة نفسية ونحن نحمد الله على النعمة التي نحن فيها.. ونحمد الله أن هذه المشاعر موجودة في الشعب السعودي وسوف أستمر إلى الممات وبما أستطيع.
لدينا مشروع مع الجامعة العربية
** ما هو العمل القادم لديكم في هذه الجائزة؟
- نحن نساير التطور والمتغيرات ولدينا جائزة اسمها جائزة (التميز) وهذه الجائزة نعملها كل ثلاث سنوات لفئة معينة، وهي جائزة تمنح للمعاق أو أي شخص خدم المعاقين بشيء مميز، وهناك تنسيق مع الجامعة العربية ليتم الترشيح من جميع الدول العربية.
** كيف تنظرين إلى كثرة الجمعيات الخيرية في المملكة؟
- أنا عندي خبرة في الميدان مع هذه الجمعيات. أرى أن يكون هناك ضبط لهذه الجمعيات على سبيل المثال جمعيات رعاية الأيتام أرى دمج جميع هذه الجمعيات في جمعية واحدة، خاصة إذا كانت في مدينة واحدة، وهذه الفكرة أفضل لضبط جمع التبرعات والهبات والصدقات والاستفادة من الخبرات المتناثرة.. ووضع لكل جمعية مشاريع للتنمية المستدامة من خلال التفكير في مشاريع تدر عليها.. خاصة أن الدولة توجهها هو للتنمية المستدامة حتى تعتمد الجمعيات على نفسها؛ لأن الدعم لن يستمر في الدعم إلى الأبد، وهذا الاقتراح نسوقه إلى وزارة الموارد البشرية والاجتماعية لدراسة دمج الجمعيات في جمعية واحدة.
لدينا 4000 جمعية والكل يعمل على شاكلته. أنا أرى أن تصب عمل هذه الجمعيات في جمعية قوية تملك خبرات وتملك رؤية بحيث يكون في كل مدينة مثلاً 3 جمعيات في تخصصات مختلفة بدلاً من خبرات متناثرة والاستفادة من الكفاءات التي تعمل في هذه الجمعيات.
** كيف ترين دور رجال الأعمال في دعم الأعمال الخيرية؟
- رجال الأعمال في هذا البلد يدعمون كل مشروع يخدم الإنسان إذا توفرت لديهم القناعة وهم شركاء للعديد من الجمعيات ومشاريع الخير وهذه حقيقة ولم نطرق باب أحد من رجال الأعمال من أهل الخير إلا وتفاعل مع هذه المشاريع والبرامج في هذه البلاد وبعضهم تبنوا العديد من الأعمال الاجتماعية لأنهم يريدون أن يعرفوا أين تذهب أموالهم.
المرأة السعودية
تحب العمل الخيري
** كيف تجدين دور المرأة السعودية في مجال العمل الخيري والتطوعي؟
- المرأة بطبيعتها عاطفية وتعطي بسخاء وعمل المرأة مكمل لعمل الرجل، فالمرأة تشارك الرجل في العمل التكاملي، وتحب العمل التطوعي وتحب تطوير العمل الذي يسند إليها.
** من هو مثلك الأعلى في هذه الحياة؟
- مثلي وقدوتي هو قائدنا الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في العمل الخيري والإنساني فهو بحد ذاته جمعية متكاملة صنع فينا حب العمل الخيري في هذه البلاد وزرع لنا حب التطوع، كما أن والدي حثنا على فعل الخير.
** كيف تنظرين إلى اللحمة الوطنية؟
- اللحمة الوطنية صلبة وثابتة ولله الحمد.. وقد انطلقت منذ أن أسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- هذه البلاد توحدت القلوب على حب الوطن وهذه القيادة وأصبحنا نعيش في أمن وأمان وأهالينا زرعوا فينا الولاء.
** ماذا أعطاك الوطن؟
- أعطاني الوطن كل شيء.. أعطاني الأمن والاستقرار.. أعطاني الوطن قيادة حكيمة تحب شعبها.. أعطاني الوطن التعلم وفرصة في العمل.
** كيف تنظرين للسياحة في المملكة؟
- المملكة تتمتع بمناطق وطبيعة خلابة.. المملكة فيها الأمن والأمان.. لذلك السياحة في المملكة بدأت تشهد نقلة نوعية كل ما يتطلبه المواطن أصبحت موجودة في مجال الترفيه.. حيث يوجد لدينا صحاري وجبال وبحار.. والسياحة في المملكة قد تكون في بداياتها ولكنها بدأت قوية وهي تحتاج لتكثيف الطيران ووضع أسعار جيدة ومناسبة للفنادق والشقق حتى يستطيع المواطن السفر والاستمتاع هو وأبناؤه.