عبد الله سليمان الطليان
إدوارد جوزيف سنودن الشاب الصغير المولود في 21 يونيو (حزيران) 1983، على ساحل ولاية نورث كارولينا، في ويلمنغتون، إنه في عيد ميلاده الثلاثين، سيكون لاجئاً في دول أجنبية، ومطارداً من قبل السلطات في بلاده، بعد أن صار حديث العالم، إثر كشفه لأكبر شبكة تجسس في تاريخ العالم.
كان والده جندياً في حرس السواحل الأميركي (ومن ولاية بنسلفانيا)، ووالدته موظفة في محكمة (ومن ولاية ماريلاند). التقيا في ويلمنغتون (ولاية نورث كارولينا)، وتزوجا، واستقرا حتى أكمل الصبي المدرسة الثانوية. وانتقلت العائلة إلى ولاية الأم، ماريلاند، على مسافة ليست بعيدة من واشنطن العاصمة.
في كلية جامعية هناك، مال نحو تكنولوجيا الإنترنت. ودرسها هناك، ثم التحق ببرنامج ماجستير فيها من موقع جامعة ليفربول البريطانية (في الإنترنت)، وصفه والده بأنه كان، خلال تلك الفترة، «هادئاً، وحساساً، ويفكر كثيراً». بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) سنة 2001، حملته موجة الحماس، وتطوع للعمل في القوات الخاصة، وكان يريد أن يحارب في العراق.
لكنه أصيب في حادث، وغيّر رأيه في التجنيد، وفي حرب العراق نفسها. وفضل الإنترنت.
وسمى نفسه «كومبيوتر ويزارد» (ساحر الكومبيوتر). وقدم طلباً للعمل خبيراً في تكنولوجيا المعلومات (اي تي) إلى كل من وكالة الأمن القومي (إن إس إيه)، ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه). وقبل في المكانين، وانتقل بينهما أكثر من مرة.
واستمتع بالدخل الكبير لخبراء تكنولوجيا المعلومات. وكتب مرة: «أعيش حياة مريحة، ودخلي تقريباً مائتي ألف دولار في السنة (قرابة ثمانية عشر ألف دولار في الشهر)».
وعندما انتقل إلى مكتب «بوزالين هاملتون» الاستشاري في واشنطن، كان راتبه مائة وعشرين ألف دولار سنوياً (عشرة آلاف دولار شهرياً).
وبحكم عمله السابق مع وكالة الأمن القومي الأمريكي، عمل في الفريق الذي يقدم استشارات تكنولوجية للوكالة، وهناك في رئاسة الوكالة في قاعدة فورت ميد العسكرية (ولاية ماريلاند)، وليس بعيداً من منزل العائلة، جمع الأسرار التي نشرها فيما بعد، وهز بها الوكالة، والحكومة الأميركية، والعالم.
سئل إدوارد سنودن عما يوفره استخدام النظام الظهير Back End الخاص بوكالة الأمن القومي الأمريكي NSA المعروف باسم «إكسكيسكور» XKeyscore فقال (تستطيع أن تقرأ البريد الإلكتروني الخاص بأي شخص حول العالم وأي موقع إلكتروني تستطيع أن تشاهد حركة البيانات منه وإليه. أي حاسوب يجلس أمامه شخص ما تستطيع مراقبته، أي حاسوب محمول تتبعه تستطيع تعقبه في أثناء انتقاله من مكان إلى مكان عبر العالم), وكتب إدوارد سنودن في أولى رسائله الإلكترونية إلى المخرجة والمنتجة الأمريكية لورا بويتراس Laura Poitras: اعلمي أن كل الحدود التي تعبرينها، وكل سلعة تشترينها، وكل اتصال تجرينه، وكل برج هواتف خلوية تمرين به، وكل صديقة لك وكل مقال تكتبينه وموقع تزورينه وسطر تدويننه ورزمة تنقلينها، هي في أيدي نظام لا حدود لما يمكنه الوصول إليه على العكس من وسائل حمايته.
نشرت صحيفة الـ«غارديان» البريطانية أسراراً قالت فيها إن الحكومة البريطانية، عن طريق وكالة التجسس البريطانية «جي سي إتش كيو» اعترضت الاتصالات الخارجية للذين حضروا قمة لندن للدول العشرين عام 2009 وإن محكمة مراقبة الاستخبارات الأجنبية الأميركية، طلبت من شركة «فري زون» الأميركية العملاقة للتليفونات أن توفر بيانات زبائنها «على أساس يومي مستمر».
وكشفت «واشنطن بوست» برنامج «بريزم» لمراقبة الإنترنت من جانب وكالة الأمن القومي الأمريكي، يمكن الوصول إلى أي بريد إلكتروني، والبحث في أي شبكة إنترنت، في الوقت الحقيقي.
وكشفت صحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست» أن وكالة الأمن القومي الامريكية تخترق أجهزة الكومبيوتر في الصين وهونغ كونغ منذ 2009.
أخيرا ًقالت الـ«غارديان» أن إدوارد سنودن هو مصدر المعلومات.
الذي قال في مقابلة مع الصحيفة: «لست خائفاً. أنا لم أرتكب جريمة. أنا قلت الحقيقة التي لا يعلمها الناس».
رغم تلك الحقائق والأسرار يمكن أن يكون في بعض منها شيء من الترهيب والتهويل والمبالغة التي وصلت فيها أمريكا في القدرة على التحكم في وسائل الاتصال والحصول على المعلومات في أي بلد في العالم, كنت أود أن أرى ذلك الاستعمار المعلوماتي الخفي من قبل أمريكا يصب في صالحها أولاً من قبل معالجة الجريمة والمخدرات التي ترتفع بنسب عالية جداً ومعالجتها بعدالة وإنصاف خاصة بما يخص السود داخل أمريكا.
لكن الحقيقة تبقى في أن أمريكا تريد فرض الهيمنة وإخضاع الشعوب الأخرى لمصالحها بروح من الغطرسة والعجرفة.