تغريد إبراهيم الطاسان
تم الإعلان مؤخراً عن التقويم الدراسي للعام الدراسي الجديد 1446هـ، فكان رد الفعل على هذا الإعلان تفاعلات متنوعة بين متقبل ومعارض لشكل التقويم الدراسي الجديد الذي لا يزال يتضمن تقسيم السنة الدراسية إلى ثلاثة فصول دراسية بدلاً من الفصلين التقليديين، وبواقع 180 يوماً دراسياً بدون أيام الاختبارات الفصلية.
نحن ندرك أن هدف وزارة التعليم من تبني الفصول الدراسية الثلاثة هو تقليل الضغط على الطلاب وتوفير فرص أكثر لمراجعة وتثبيت المعلومات وتقليل العبء الدراسي على الطالب، خاصة مع إدراج إجازات قصيرة بين الفصول الدراسية ليتمكَّن الطلاب والمعلمون من أخذ قسط من الراحة، مما يعزِّز من قدرتهم على مواصلة العملية التعليمية بكفاءة أكبر، وكذلك هدفت إلى تقليل التوتر والضغط على الطلاب من خلال توزيع الامتحانات على مدار العام الدراسي بدلاً من تركيزها في نهاية كل فصل.
كأولياء أمور وأسر، نحن معنيون بالعملية التعليمية بنفس قدر منسوبي المنظومة التعليمية وطلابها، حيث إن هذه القرارات تفرض علينا واقعاً محدداً وصياغة معينة لنمط حياتنا، نحاول من خلاله توفير ما يلزم من بيئة إيجابية مناسبة لأبنائنا من أجل مخرجات تعليمية موفقة.
قد أتفهم أسباب حرص وزارة التعليم على الفصول الثلاثة لأثرها في عملية التعليم والتعلّم، لأسباب ترى أن لها إيجابياتها في تحسين التحصيل الأكاديمي للطلاب والطالبات، وللتقليل من الضغوط النفسية، وكذلك من أجل فرص أكبر لتطوير المناهج الدراسية وتطبيق إستراتيجيات تعليمية جديدة، حيث تعتبر أن ذلك خطوة فعَّالة نحو تحسين جودة التعليم ورفع مستوى التحصيل الدراسي، ولكن في المقابل، لا بد أن يُؤخذ في الاعتبار أن أولياء الأمور شريك رئيس وفاعل ومهم لنجاح أي تجربة ومسار تعليمي جديد، ولكن للأسف فإن حبل الوصل بين بيئة مدرسية وأسرية جيدة مقطوع.. بدليل أن مشكلة الغياب في الفصل الدراسي الثالث تكاد تتحول من مشكلة إلى ظاهرة، لعدة أسباب، منها قطع روتين الحياة المنتظم بكثرة الإجازات، إضافة ارتفاع درجة الحرارة الشديد جداً خلال الفصل الدراسي الثالث.. وأيضاً تزامن فترة الاختبارات النهائية مع مناسبات دينية مهمة جداً تشتت الروحانية، وتكدر صفو الفرح بالعيدين، خاصة أننا نشهد تفاعلات وممارسات خاصة بهذين الشهرين، من الصعب مزاحمتها بالدراسة والتعليم المكثف!
نحن لنا خصوصية دينية ومجتمعية وعادات أصيلة لا بد من مراعاتها والحرص عليها وعدم إهمالها وإرباكنا وتضييع فرص تساهم في صنع وتقديم قيم مثلى لصغارنا وشبابنا،كذلك أجواء المناخ عندنا لا تساعد في استمرار الدراسة حضورياً لمدة 10 أشهر.
نحن نعلم علم اليقين أن قرارات الوزارة لا تفرض إلا ما ترى فيه مصلحة عامة، خاصة أن لنا أهدافاً كبيرة جداً نأمل من خلالها تحقيق مستهدفات رؤية عظيمة تليق بهذا الوطن الغالي، وتعزز من نجاحاته وإنجازاته العظيمة، من خلال الاستثمار العلمي والمعرفي في الأجيال القادمة، لذلك فنحن كأولياء أمور لن ندخر جهداً في مد أيدينا للمدارس والتعليم، لمحاولة إنجاح العام الدراسي الجديد، وتحقيق مستهدفات رؤية 2030 التي ترى أن الثراء العلمي أساس في تنمية المجتمع وتطوره.
ولكن ما نرجوه من وزارة التعليم مشكورة، أن تضع ظروفنا كأسر وظروف أبنائنا كطلاب في عين الاعتبار.. وتدرك حجم تضررنا من تبعيات الفصول الدراسية الثلاثة، لنصل إلى حل يعالج السلبيات ويعزز الإيجابيات لنصل إلى الهدف الذي يجعل كل الأطراف في ارتياح نفسي وجسدي يساعد في وصولنا إلى طموحاتنا من أقصر الطرق وأسرعها.