يزيد الدبيخي
في دروب الحياة ومساعيها هنالك فرحة أمل تسعدنا وتغنينا ودمعة ألم تأسرنا وتؤذينا فهذه هي الدنيا وأحكامها ليس لها ثبوت دائم ولا متغيرات مستحدثة.
فهي تجري بنا أحيانا إلى منعطفات لا نتمنى حدوثها ولم نبحث عنها وقد تيسر بنا إلى أحلام لم نستطع توقعها ولا حتى التفكير بها وما بين قسوة جرح وابتسامة شفاه هنالك مساحة ومسافه يقف بها صديق صادق يهون الألم والأتراح ويشاركنا البهجة والأفراح وعند إعادة النظر في صفحات التاريخ والبحث في حكايات العصور والتفتيش عن المستور لن نجد علاقة اتسمت بكل معاني الإخوة والوفاء كعلاقة سيد الخلق وإمام المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم بالصادق الأمين والصاحب النبيل والرفيق الكريم أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه ففي هذه الصحبة الخالدة كان الأنس سيدها ويملأها والحب يسودها ويرعاها والإثار والعطاء منهجها وعنوانها فمنها نستلهم ونتفكر ونتعلم ونتذكر فهي أساس العلاقات ومبادئ الرفقة ومفاهيم المودة، ولنا أيضا في صحبة الخلفاء الراشدين خير مثال وأكبر برهان فالصداقة الصالحة التي تقوم على الإخلاص والأمانة هي بدون أدنى شك نبراس للعلا وطريق للهدى، وكم من شاعر تغنى بكلماته وأبياته بالصحب والخلان.
لا شيء فِي الدُّنيا أَحَبُّ لِنَاظِرِي
مِن مَنظَرِ الخِلانِ والأَصحَابِ
وأَلَذُّ مُوسِيقى تَسر مَسَامِعِي
صَوْتُ البَشِيرِ بِعَوْدَةِ الأَحبَابِ
فالصداقة الصادقة اليوم ما أحوجنا إليها فهي ثروة عظيمة وكنز ثمين وهي مسار للأنس وسكة نحو السعادة وغطاء عن الحزن وستار من المعاناة وكما قيل في المثل الشعبي الشهير (جاور السعيد تسعد).
وهنالك من شبه الصداقة تشبيهاً رائعاً ورائداً وربطها كعلاقة العين باليد فإذا تألمت اليد دمعت العين، وإذا دمعت العين مسحتها اليد، والصاحب الوفي هو من يقف في الشدة قبل أوقات الرخاء وفي السعة قبل أيام الضيق.
والصداقة ليس لها قوانين ثابتة ولا عمر محدد فهي بصدق المواقف لا بطول السنين والصداقة شجرة بذورها الوفاء وأغصانها الأمل وأوراقها الفرحة.
ولكن يجب على الشخص الانتباه والتمعن والتريث في اختيار الأصدقاء الذين يساهمون في تطويره ونجاحه ووضع أمام العين دوماً حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (المرءُ على دينِ خليلِه فلينظرْ أحدُكم مَن يُخاللُ).
فما أجمل أن يوفق الشخص لصديق صالح يتشاركان معاً الأهداف ويحملان نفس الإرادة ليسيرا نحو تحقيق الطموحات والوصول لمنصات الإنجازات.
ختاماً.. شكراً لكل صديق طالما سعى لإسعادنا بكلماته وأكرمنا بجزيل وقفاته فكان بلسما لنا من كل جرح وبهجة من كل يأس.