عبدالله إبراهيم الكعيد
عبارة سمعتها من أحد الساسة وهو يتحدث في نشرة الأخبار عن مستقبل منطقة مشتعلة بسبب الحرب. نعم المنطق يقول لا يمكن تحقيق سلام بينما لغة البنادق هي الأرفع صوتاً. كيف يمكن سماع صوت أطراف النزاع في وقتٍ يعلو فيه صوت القنابل والمتفجرات.
أقول قولي هذا وأنا أعيش في بلد لا يُسمع فيه صوت الرصاص ولله الحمد إلا أثناء مشاهدة أفلام (الأكشن) في صالات السينما أو متابعة مسلسلات التلفزيون التي تتفنن في تصوير مشاهد القتل حتى وإن كانت (ثيمة) الحكاية رومانسية. في الأعراس التي كان يُعبِّر البعض فيها عن أفراحهم بإطلاق النار تم منع ذلك الهياط تماماً وتقوم النيابة العامة بكل صرامة بمحاسبة كل من يخالف قانون التصريح بحيازة وحمل الأسلحة.
طالما لغة البنادق هي السائدة في أي بلد فالموت العشوائي هو المتوقع في أي لحظة. لهذا لا يمكن أن يحل سلام في بيئة كهذه حتى يتم إسكات البنادق أولاً.
السؤال الأهم:
من بيده أمر إسكات صوت البنادق ولعلعة الرصاص؟ للإجابة على ذلك دعونا نبدأ من نقطة البداية حينما يُصدر أحدهم الأوامر بإطلاق النار ليبدأ مسلسل إزهاق الأرواح وحينما يشتد الصراع ويتدخل الوسطاء يعود الأمر لذات الشخص إن كان حيّا كي يأمر بوقف إطلاق النار وبالتالي توقف القتل.
لنفترض أنه تم عرض حالة ذلك الصراع على مجلس الأمن وتم إصدار قرار ينص على إسكات البنادق في المعارك التي يدور رحاها غالباً في المدن المكتظة بالمدنيين المسالمين الذين لا علاقة لهم بأي شكل من الأشكال بما يدور. ولنفترض في أحسن الأحوال قبول أطراف النزاع بوقف تلك الحرب سواء لهدنة مؤقتة أو بصفة دائمة متى سيصل ذلك الأمر لمن بيده البندقية؟
في المعتاد سيمر وقت طويل ومتتابعات من الأوامر التي تصدر من أعلى سلطة إلى الأدنى يكون قد قُتل خلالها خلق كثير. أقصد كم من أبرياء قضوا نحبهم بعد لحظة توقيع أمراء الحرب على اتفاقية وقف إطلاق النار ووصول الأوامر إلى من أصبعه على الزناد؟
حياة الناس آخر هم أطراف النزاع. فالمكاسب على الأرض هي من يحدد قبول إسكات البنادق من عدمه. إذا الغنائم هي الأهم في ترتيب أولويات زعماء الحروب. بينما الإنسان البريء يقبع في آخر أجندة الوفود المفاوضة.
لا أعني بكلامي هذا الاستهانة بجهود مندوبي المنظمة الأممية المبعوثين من قبل الأمين العام للأمم المتحدة الذي ما فتئ يقلق ثم يزداد قلقة قبل أن يُدرك مأساوية الوضع.
أخيراً أقول إن من فرط المثالية المطالبة بإخراس صوت البنادق للأبد فمهمة الجندي الذي يذهب إلى الحرب إما قاتل أو مقتول، بينما القادة يقبعون بأمان في مراكز القيادة والسيطرة السفلية يتمتعون بطعم الكافيار ويتجرعون الكولا.