حاوره - عوض مانع القحطاني/ تصوير - عبدالله المسعود:
في حوار ثري مع «الجزيرة» الكابتن طيار عبدالله الغامدي يكشف رحتله مع الطيران العسكري والمدني..
مهنة الطيار.. مهنة ساحرة.. وصعبة.. في نفس الوقت فهو دائماً بين الأرض والسماء متحدياً كل المخاطر، ومنفذاً ومؤدياً لعمله بكل دقة واحترافية.
وضيفنا اليوم طيار محترف، عمل في طيران القوات المسلحة والطيران المدني في واجب إنساني بنقل المرضى والمصابين ويحمل المساعدات والإعانات طيلة 20 عاماً، وتلقى العديد من خطابات الشكر من الملك فهد والملك عبدالله رحمهما الله.. إنه الكابتن الطيار عبدالله بن صالح الغامدي الذي ساهم في نشر ثقافة الطيران، وتصور عن عمل الطيار بشكل عام حيث أجاب عن أسئلة «الجزيرة» من خلال هذا اللقاء. إلى نص الحوار:
• الولادة والنشأة والدراسة أين كانت؟
* أنا ولدت في إحدى قرى مدينة الباحة في عام 1386هـ.
درست الابتدائية والمتوسط والثانوي في الباحة في ثانوية رغدان.. والدي رحمة الله عليه كان معلماً في إحدى مدارس قبيلة (زهران) وكان ينتقل مشياً بين الغابات والأودية على ألأقدام ما بين غامد وزهران له من الأبناء 6 أولاد والبنات 7 بنات.
بعد حصولي على الثانوية العامة اتجهت لمدينة الرياض حيث كان لدي رغبة الالتحاق بإحدى الكليات العسكرية، وكانت رغبتي أن أكون أحد منسوبي وزارة الداخلية، وقدمت على هذه الكلية ولكن لم أقبل بسبب كثرة المتقدمين، عندها لم أيأس اتجهت إلى جامعة الملك سعود والتحقت بالجامعة علوم سياسية، وتم قبولي، وقد التقيت بأحد الشباب قبل بداية العام الدراسي وطرح علي فكرة.. لماذا لا نحاول أن نقدم على كلية الملك فيصل الجوية فذهبت أنا وهو للكلية وقدمنا ملفاتنا فتم قبولي ورفضوا طلبه لأن نسبتي كانت %98 علمي وألغيت القبول في الجامعة وأنهيت إجراءات الكشف الطبي والمقابلات وبالفعل بدأنا التعليم في هذه الكلية في علوم الطيران لمدة ثلاث سنوات، وبعد التخرج تم تعييني على طائرة سي 130 العسكرية وهي طائرة متعددة المهام، وهي كذلك طائرة لنقل الركاب والمعدات وإيصال المساعدات ونقل الضباط للميادين العسكرية.
• ما هي أفضل الأوقات للطيار للطيران بكل يسر وسهولة؟
* أي رحلة لابد للطيار أن يحسبها بكامل تفاصيلها قبل الانطلاق، وأن يحذر، وأن يأخذ معلومات المكان الذي سوف يذهب إليه خاصة أن هناك مهام تأتي لنا في بعض الدول الفقيرة لايصال مساعدات ومعونات حيث نجد المدرجات في بعض الدول تربية، ولذلك لابد من معرفة كل التفاصيل حتى لا يكون هناك أي مشاكل ومن ناحية السلامة والأمن وكذلك الأحوال الجوية، وعلى الطيار أن يحضر لرحلته لأن مثل هذه المهمات ليست سهلة ونحن دائما نتعرض لبعض الأخطار كما أن لصيانة وتفقد الطائرة أمر مهم، وهناك اهتمام بهذه الجوانب من قبل قواتنا الجوية.
• كيف ترى حالات الشغف الأمني خلال الرحلة؟
* السلامة للطيار العسكري تبدأ من البيت بالنوم الكافي. ثانياً أن يكون الطيار حريصا بعدم ترك شنطته وأغراضه الشخصية بعيدة عنه وألا تعطي سيارتك لأحد، هذه الأشياء أمن لك كطيار مؤتمن على سلامة الناس، وهذه النصيحة للطيارين الانتباه على أغراضكم وأنتم في الخارج.
• كم الارتفاعات التي تطيرون عليها خاصة طائرات القوات الجوية للنقل؟
* كل طائرة ولها قدرة معينة، من ناحية تحملها للضغط وقوة محركاتها وأعلى مدى ارتفاع لهذه الطائرة 25 ألف قدم خاصة أن الركاب فيها ما عندهم أكسجين لو صار أي خلل في الطائرة فإن هذا هو الارتفاع الآمن للركاب عند حدوث أي مشكلة يستطيع ن يهبط بسرعة عكس الطائرات المدنية يصل مدى ارتفاعها ما بين 40 إلى 45 وفيها إمكانات عند حدوث أي أمر طارئ لأخذ الأكسجين.
• ما هو أصعب موقف مر عليك أثناء عملك في مجال الطيران العسكري؟
* أنا عمري في الطيران العسكري والمدني ما يقارب من 40 عاماً لابد أنني واجهت مصاعب كثيرة ومواقف مرعبة ومميتة خاصة أننا كنا نطير على طائرات ليس فيها تلك التقنية الموجودة على هذه الطائرات الحديثة والتي فيها نسبة عالية من السلامة، ولذلك غالبية الطيارين اليوم لا يعانون من أي مصاعب لأن طائرات اليوم مزودة بتقنية عالية تظهر لك أي عطل في الطائرة، ويظهر لك الإجراء والحل قبل الإقلاع، ولذلك عندما دخلت مجال (السوشال ميديا) قطعت على نفسي أن أكون زارعا للطمأنينة للطيارين وللركاب والعاملين على هذه الطائرة من خلال معلومات مفيدة عن ثقافة الطيران.
• كيف انتقلت من الطيران العسكري إلى الطيران المدني؟
* تقاعدت بعد 20 عاما من العطاء والكفاح على طائرات قواتنا الجوية والتي تعمل وفق نظام الطيران المدني وتقاعدت وأنا برتبة عقيد طيار معظم طائرات سي130 مثل ما قلت سابقا تعمل وفق أنظمة الطيران المدني وليس هناك أي اختلاف في التقنية وخاصة أن شعار هذه الطائرات هو شعار (الخطوط السعودية)، حيث إن العمل على هذه الطائرات يشترط لابد من الحصول على رخصة من الطيران المدني للطيران في الأجواء.. وبالفعل اتجهت إلى طيران (ناس) لأني أحمل رخصة مدنية وليس لدينا مشكلة خاصة الذين يعملون على هذه الطائرات.. المشكلة عند الطيار العسكري الذي يعمل على الطائرات المقاتلة هم الذين لا يستطيعون العمل على الطيران المدني.. وكثيراً من زملائي بعد تقاعدهم اتجهوا إلى الطيران الخاص.
وقصتي مع هذا التحول للعمل مع الطيران المدني كنت ملحقاً في السفارة السعودية في ألمانيا وجلست 4 سنوات وعدت عام 2008م كان طيران (ناس) عند نشأته يحتاج طيارين لهم خبرة عالية وكذلك يحتاجون مديرين يديرون هذا القطاع على الأرض.. وفضلت الطيران لأنني رجل أعشق الطيران وأجد نفسي ليس في العمل الإداري الأرضي.. بل في كبينة الطائرة.. وقد تعاقدت للعمل كطيار مدني لمدة 20 عاماً على رحلات (إيرباص - 320) رحلات في الداخل والخارج.
• ما هي الصلاحيات الممنوحة لكابتن الطائرة داخل الطائرة؟
* هو صاحب الكلمة الأولى على هذه الطائرة ويعمل على أن تكون هذه القنوات بينه وبين العاملين على هذه الرحلة جيدة لسلامة الركاب، ولذلك الطيار صاحب قرار على هذه الرحلة كما أن الخبرة تؤهل الطيار للتصرف السليم في الحالات الطارئة.
• كيف تتعاملون مع الحالات الصحية الطارئة أثناء الطيران؟
* الحالات الحرجة عند أحد الركاب يتم التعامل معها من قبل الموظفين من خلال الإسعافات الأولية فهم أساساً مدربون على الإسعافات خاصة حالات الولادة، ثم تعلن أن هناك أحدا من الركاب طبيب على الرحلة لعمل الإجراءات اللازمة للمريض خاصة أن على متن الطائرة شنطة أدوية كاملة لا يفتحها إلا الطبيب بنفسه.. ومن ثم يعالج المريض وإذا كانت حالة المريض حرجة تنزل في أقرب مطار.. وفي حالة الوفاة تستمر الرحلة على وجهتها ويؤخذ هذا المتوفى إلى مؤخرة الطائرة حتى تتوقف الطائرة ومن ثم تبدأ إجراءات تسليمه لأقاربه.
• هل الأجهزة التي داخل كبينة الطائرة لابد من رؤيتها بالعين ضروري؟
* أبداً الطيار لا يستفيد من العين بعد الإقلاع اعتماد الطيار بعد الله سبحانه وتعالى على أجهزة الملاحة وطبيعي للطيار أن يشاهد ما حوله ويراقب الأجهزة الموجودة في كبينة الطائرة كل شيء أصبح مبرمجا، يعتمد الكابتن على عينه عند الإقلاع والهبوط. أيضاً يراقب السحب الركامية أو شيء لافت للنظر.. والمراقبون الجويون يتابعون أدق التفاصيل.. الطيار يمسك مقود الطائرة 40 ثانية لرحلة طولها من 7 إلى 8 ساعات طيران. وهذه نعمة من الله.
• ما هو الأفضل قيادة الطائرة الصغيرة أم الكبيرة؟
* كلما كبر جناح الطائرة.. تكون أكثر امتصاصا للمطبات الهوائية، وفيها هدوء وفيها راحة للركاب.. الطيارات الصغيرة تكثر فيها المطبات.
• كيف تتعاملون مع المواقع التي فيها حروب.. وتتفادون الأماكن الخطرة؟
- أي منطقة يكون فيها حرب يتم إشعار الطيار بأن هناك خطورة وخوفا على سلامة الركاب، وبذلك تصبح الأجواء أجواء عسكرية بحتة لابد من الابتعاد عنها، ثم بعد ذلك يوضع لنا مسار معين بعيداً عن هذه الأجواء وسرعات محددة للطيران.
• هناك إقبال على طلب وظائف.. مضيفات على شركات الطيران من قبل السعوديات.. كيف ترى ذلك؟
* من عندهن القدرة وترتيب أنفسهن ويبحثن عن رزقهن فهذه خطوة جيدة.. وهن بالفعل أثبتن وجودهن وهن أصبحن على قدر المسؤولية وطرق الالتحاق بهذه المهن من قبل الشباب شيء لا بأس به حتى نخدم وطننا بأنفسنا.
• لماذا تقاعدت وأنت ما زلت نشيطا وتحب عمل الطيران؟
* تقاعدت لأجل أمي.. هي اليوم في حاجة للوقوف معها في مرضها.. وهي حالياً لديها غسيل للكلى فقد أصبحت السائق لأمي وليس لي فضل وإنما أسعد الناس أنني أخدم والدتي في هذا العمر.
• ما هو القرار الصعب الذي اتخذته عندما كنت على رأس العمل وندمت عليه؟
* لم أتخذ أي خطوة في حياتي وندمت عليها.
• ما هو القرار الذي تمنيت أنك اتخذته قبل التقاعد؟
* القرار الصعب الذي اتخذته أنني تسرعت وتقاعدت ولكن الظروف جعلتني ألجأ إلى ذلك.
• ما هو القرار الذي تمنيت أنك طورته أثناء وجودك في العمل؟
* تمنيت أنني أطور قدراتي وامكاناتي باستمرار.
• ما هو العمل الذي تعتز أنك أنجزته؟
* أفتخر أنني قمت بواجبات وطنية أثناء عملي في الطيران العسكري شرفني بها ولاة الأمر وهي وسام على صدري تلقيت خطابات وشهادات تقدير من الملك فهد رحمة الله عليه والملك عبدالله على أعمال قمت بها، وفيها شيء من الشجاعة والتضحية، وهذا شرف عظيم كبير لي ووسام على صدري.
• كيف تنظر إلى الرؤية وأثرها على الأجيال القادمة؟
* رؤية المملكة محفزة للأجيال القادمة، ونحن نلمس فائدتها حالياً ومستقبل الطيران في المملكة مبشر ومفرح.. وبالأخص انفتاح الطيران المدني على العالم.. كذلك التوسع في إنشاء المطارات الداخلية في المناطق السياحية. هذه نعمة من الله علينا.. وعلينا أن نحافظ على هذه المكتسبات خاصة نعمة الأمن والاستقرار والسعادة. أبوابنا مفتوحة دون خوف ونحن في أسفارنا مطمئنون لا نخاف من أي شيء، وعلينا أن نزرع في أبنائنا شكر الله على هذه النعمة وهذا الأمن.
• كيف ترى السياحة في المملكة؟
* السياحة متطورة وتحتاج إلى زيادة الطيران ووضع تخفيض للتذاكر، لأن أسعار التذاكر مرتفعة في أوقات الصيف والمناسبات حيث لابد من وضع حلول عاجلة، وكذلك دراسة عاجلة للغلاء في الفنادق والشقق حتى يكون هناك إقبال على السياحة الداخلية، وحتى تكسب السياح من الخارج وتشجع السعوديين لقضاء إجازاتهم داخل المملكة.