د.شريف بن محمد الأتربي
ظلت المكتبات المدرسية واحدة من أهم الروافد الثقافية والمعرفية للطلبة خلال رحلتهم الدراسية الممتدة لمدة 12 عاما تقريبا، حتى قررت وزارة التعليم تحويل هذه المكتبات إلى مراكز مصادر تعلم وجعلتها فئات متعددة، وهنا استبشر الميدان التعليمي خيرا حيث وجد ضالته المعرفية في هذه المراكز نظرا لما تقدمه من خدمات تختلف عما كان يقدم سابقا، سواء من ناحية توفير التجهيزات التقنية، أو المصادر المعرفية، وحتى القاعات التخصصية.
انصب اهتمام المسؤولين عن هذه المراكز في إدارات التعليم المختلفة على تقديمها الدعم لمادة المكتبة والبحث، حيث كان مدرس المادة هو نفسه أمين المركز غالبا.
دخل نظام المقررات على الخط وأهملت هذه المراكز نتيجة غياب مادة المكتبة والبحث عن النظام وأصبحت من المواد الإضافية التي لا يقبل عليها الطلاب غالبا، وشيئا فشيئا أصبحت هذه المراكز خاوية على عروشها، وأصبح من يكلف بها من غير المتخصصين، بل وصل الأمر أنها تسند للبعض لاستكمال الجدول الدراسي فقط، وكانت الطامة الكبرى حين بدأت الكثير من هذه المراكز في الإغلاق لعدم وجود من يديرها فعليا، وما بقي منها تحول إلى لا شيء، فقط كيان قائم بلا أي فائدة مرجوة منه، لا خطة، لا تمويل، لا تحديث، لا شيء بمعنى اللا شيء.
في ظل هذا التخبط من قبل القائمين على هذه المراكز في وزارة التعليم، تأتي هيئة المكتبات كفارس يرتدي ملابسه البيضاء راكبا حصانه الأشهب لتبدأ في إنقاذ المكتبات العامة، ومكتبات بيوت الثقافة من خلال ضخ الأموال، وإعداد خطة استراتيجية للاستفادة منها، ولكن مع الأسف سقطت المكتبات المدرسية من الحسبة، وأصبحت خارج الخطة.
المكتبات المدرسية التي تخدم شريحة من أبناء المجتمع تقدر بأكثر من 7 ملايين مستفيد يمثلون 18 % تقريبا من سكان المملكة لا يجدون أي اهتمام بهم ولا مراعاة لاحتياجاتهم الثقافية ولا المعرفية.
هذه المكتبات أو المراكز سمها ما شئت تمثل طاقة نور لهيئة المكتبات ووزارة الثقافة لإعادة تشكيل الذوق والثقافة العامة لشعب دأب على مدار عشرات السنين أن يسمع فقط كلمة ممنوع وعيب ولا يجوز دون تفسير أو تسبيب فقط لأن من أصدر القرار هو نفسه صاحب السلطة في التنفيذ.
أقترح على هيئة المكتبات أن تضع هذه المكتبات ضمن اهتماماتها ولو حتى تستأجرها من وزارة التعليم وتدعمها بموظفين متميزين من الخبراء المكتبيين المتخصصين في المجال المعرفي ومجال المكتبات، ويمكن الاستعانة بجمعية المكتبات السعودية بذلك، إلى جانب المتقاعدين من المعلمين والخبراء.
إن فرصة الوصول إلى هذا العدد الهائل من أبناء المجتمع وتقديم الخدمات الثقافية والمعرفية والمهارية والتربوية لهم يستحق المجازفة والاقدام وخوض غمار التجربة التي لو نجحت ستعيد الكثير من الأصول إلى نصابها، وستغير من موروثات خاطئة كانت حتى ما قبل عهد مولاي سلمان من المقدسات التي لا يجب المساس بها.
رسالة إلى معالي وزير الثقافة الأمير بدر الفرحان والأخوة في هيئة المكتبات، والأخوة في وزارة التعليم، هذه فرصة اغتنموها أو أغلقوا المكتبات المدرسية فلم تعد تؤتي ثمارها.