دهام بن عواد الدهام
حين انتخب رئيسي رئيساً لإيران كتبت في هذه الجريدة الغراء بتاريخ 25 يونيو 2021م عما إذا كان انتخابه مزاجاً شعبياً أو إرادة ملالي.. أي من الخيارين كان سيحدد من هي إيران رئيسي داخلياً وإقليمياً ودولياً لكن يبدو أن فترة تلك الرئاسة تأرجحت بين هذه وتلك لكن النهاية المأساوية للسيد رئيسي كشفت حجم التخلف في الحكومة الإيرانية عن متابعة ومعالجة حادث يتعلق برأس الدولة قبل مساعدة أطراف خارجية للعثور على حطام طائرته وبالتالي جثامينه ومرافقيه مما أصبح تندرا على إنجازات هذه الدولة ناهيك على مسرحية الصراع الإيراني - الإسرائيلي والتي تعربد الأخيرة في الساحة الإيرانية جواً وبراً كيفما تشاء يقابلها ردود فعل مضحكة لحق الرد المسرحي.. هنا الآن مفترق طرق في الانتخابات الرئاسية الإيرانية في جولتها الثانية بين مسعود بزشكيان ممثل التيار الإصلاحي الداعي إلى حل المشكلات بين إيران والدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، والذي تولي وزارة الصحة في حكومة محمد خاتمي، وجليلي الذي يعد من المحافظين المتشددين المعادين للتقارب مع الدول الغربية، وأحد الممثلين للمرشد علي خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي والمفاوض النووي سابقاً واللذين تبادلا الاتهامات في مناظرتهما الأخيرة في كيفية قيادة البلاد. أياً تكون النتائج فإن المزاج الشعبي من الانتخابات نفسها يعكس مدى الإحباط الشعبي من الحكومات الإيرانية المتعاقبة في ظل سيطرة قوى داخلية على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الداخلية مما أفقد الشعب الإيراني فرصة الانتعاش والأمن والسلام فقد بلغت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات 40 % مما أثارت هذه النسبة المتدنية العديد من الردود الداخلية والخارجية إلى درجة أن ذهب أحد الإيرانيين السياسيين (سجين سابق) إلى أن هذه النسبة تعني أن الفائز هو الشعب الإيراني المقاطع للانتخابات بنسبه 60 % ورغم أن الانتخابات الإيرانية السابقة كانت بنسب عالية فإن هذه الانتخابات شهدت عزوفاً شعبياً عن التصويت، تعبيراً عن الاحتجاج ضد النظام وقد بلغ هذا الغضب الشعبي ضد حكومته عام 2022 احتجاجاً مطولاً على مقتل الناشطة مهسا أميني.
أي من المرشحين تربع على سدة الحكم في طهران فلا بد له من دروس الماضي يستفيد منها لمستقبل إيران الدولة والشعب.. كما يبرز السؤال الأهم حول الصلاحيات التي يتمتع بها الرئيس المنتخب لإدارة الدولة وعلاقاتها الخارجية وشؤونها الداخلية ومن يملك السلطة الحقيقية في إيران. إيران الدولة وفق واقع الجغرافيا لن تتغير والمصالح هي ذات ارتباط وثيق بمحيطها الإقليمي والدولي.. أفكار الماضي من تصدير الثورة ورعاية واحتضان الانتماء الطائفي في دول الجوار ودعم أحزاب ومجموعات خارجة على أنظمه الدول والتدخل الصريح والواضح في دول عربية وتعطيل مسيرة واستقرار هذه الدول وتهديد أمن المنطقة بتسليح منظمات وأحزاب ودعما بالأسلحة والمال هي أحلام ماض لن ترى النور.. على سيد طهران (وعليه أن يكون رئيساً حقيقياً لا ثورياً) أن يستفيد من تلك الخطوة والمبادرة التي قادها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وبتوجيهات خادم الحرمين الشريفين -حفظهما الله- بمد يد السلام والمصالحة مع طهران على أسس من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شئون الدول الأخرى وهي ما فتحت نافذة لطهران للقبول الإقليمي والدولي.. والذي تعرف طهران وتعاني منه من المقاطعة الدولية وفرض العقوبات بسبب الطموحات الإيرانية في امتلاك السلاح النووي والصراع الدولي معها بشأن هذا البرنامج حتى مع حقها بالاستخدام السلمي لهذا البرنامج فهو يشكل خطراً على المنطقة خاصة المنشآت المقامة على أو قرب من سواحل الخليج العربي الشرقية.. وتجاوز أهداف هذا البرنامج الاستخدامات السلمية الشعب الإيراني. شعب يستحق الحياة الكريمة مثل كل شعوب العالم وبما يملكه من حضارة وقيم تذوب في مغامرات مصيرها الفشل سابقا ولاحقاً.. إلى سيد طهران القادم الفرص لا تتكرر كثيراً وأعلم أن الطموحات المتهورة خارج الحدود لن يكون مصيرها إلا الفشل.. خذوا دروساً مجاورة تسعد بها إيران وشعوبها المختلفة.