سلمان بن محمد العُمري
من المشاهد والمقاطع المؤسفة والمزعجة محتواها والتي تبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التصرفات الصبيانية من أناس كبار الأجسام وصغار في العقول، حيث يمارسون مقالب يرونها من اللعب والمزاح والتسلية مع أطفال في عمر الزهور، وذلك بتخويفهم وبث الرعب في نفوسهم بدون وجل من الله عز وجل أو خجل من ذويهم، الذين ربما شاركوهم الحماقة والتصرف الأرعن. هؤلاء البشر يرتكبون الأخطاء ويرونها تسلية وترفيها مع الأطفال، وهو سلوك مشين نهت عنه تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف باعتباره محرمًا لترويع المسلمين كباراً، وثبت أن بعض هذه الأعمال والتصرفات السلبية لها تأثير سيء على نفسية الإنسان صغيراً وكبيراً على حد سواء، وفي حق الأطفال أكد بالمنع لأنه ظلم وتعدٍ، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً»، وهنا فيه توكيد وتحذير على أن الترويع والتخويف بأي وسيلة كانت حتى وإن كانت من باب اللعب والمزاح محرمة، ولها أضرار صحية ونفسية، وإذا كان ترويع الحيوان رفضه رسولنا الصادق الأمين وحرّمه؛ فكيف بترويع بني آدم؟!.
الدكتور جمال الطويرقي استشاري الطب النفسي يكشف عن قصة طفل فقد النطق بسبب مقلب من أخيه الأكبر، حيث قال: عبر برنامج الراصد، على قناة الإخبارية، (إنه قبل 3 أسابيع فقد طفل يبلغ من العمر 11 عاما قدرته على الكلام بسبب مقلب مخيف من أخيه الأكبر في الظلام، وإلى الآن أخذ الشخص مجهودا كبيرا جدا سواء في العقاقير أو غيره حتى بدأ يتكلم مع أشخاص مقربين، والده ووالدته، حتى في المدرسة صار لا يتكلم، محذرا من تكرار هذه التصرفات بغرض المزاح).
ولا شك أن المختصين في طب الأطفال، والطب النفسي لديهم حالات كثيرة مرت عليهم، وربما تطورت بعض الحالات إلى مراحل خطيرة تهدد حياة الطفل.
في تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر: «إن التسبب في ترويع الآخرين قد يترتب عليه الضمان في بعض الحالات، كمن قصد تخويف غير الْمُمَيِّزِ أو البالغ غير المتيقظ لهذا الموقف فمات، فيعدُّ فعله قتلًا شبه عمد، وعليه الدية مُغلَّظة، وكذلك عليه الدية إن تسبب الترويع بذهاب منفعة عضو من أعضاء من تم ترويعه». إنه لمن الواجب والأهمية بمكان أن يكون هناك رصد من الجهات المختصة فيما يتم تناقله عبر وسائل التواصل الاجتماعي من مقاطع لإرهاب الأطفال وتخويفهم من أفعال تشمئز منها النفوس، وتدمي القلوب، وتدعو للشفقة على الأطفال الأبرياء وما تعرضوا له من تصرفات لا مسؤولة من كبار في الأجسام صغار في عقولهم وتصرفاتهم.
وأرى أن تبادر القطاعات الحكومية والأهلية المعنية بشؤون الأسرة والطفل بعمل حملات توعوية في المجتمع، مع الاستعانة بالأطباء وغيرهم من ذوي الاختصاص، وبمشاركة وسائل الإعلام، وخطباء الجوامع، والاستشهاد بالحوادث التي حصلت جراء التخويف والترويع، كما يجب على مؤسسات حقوق الإنسان والجهات الرقابية على مواقع التواصل سن عقوبات لكل من يجاهر بسلوك سلبي فيه ترويع للأطفال بقصد كسب أكبر قدر من المتابعين، حتى وإن كان المنفذ لهذا السلوك السيء قريبا للطفل من الدرجة الأولى أو أبعد من ذلك.