عبده الأسمري
ما بين صدى «الصوت» ومدى «الصيت» بنى جملته «الفعلية» بضمير «المتكلم» ورسخ «وصفته» المهنية بتدبير «المتحدث»
اشتهر بفروسية «الخبير» وتميز بفراسة «القدير» فكان «ابن» الإعلام البار ووجه «المهام» السار الذي حصد «الرضا» من فضاءات «المشاهدين» ونال «الفوز» من إمضاءات «الشاهدين»..
رتب «مواعيد» التنوع على أسوار الكفاءة متسلحاً بسطوة «المهارة» ومتوشحاً بحظوة «الجدارة» حتى قطع «مفازات» المناصب بروح فتية ونفس تقية في متون «الأمانة» وشؤون «المكانة».
إنه الإعلامي المعروف والمذيع الشهير الدكتور سليمان بن محمد العيدي أحد أشهر المذيعين والإعلاميين في الوطن والخليج.
بوجه قصيمي مسكون بالهدوء والسمت والوقار مع تقاسيم تتوارد منها سمات «السكينة» وملامح تتماثل مع والده وتتكامل مع أخواله وسحنة نجدية مسجوعة بالود ومشفوعة بالجد وأناقة وطنية ترتدي البياض وابتسامة تتوارد على شخصية هادئة الطبع لطيفة المعشر أنيقة التواصل شيقة القول سديدة الرأي ودودة الجانب وصوت جهوري قوامه الفصاحة ومقامه الحصافة ومكنون لغوي زاخر بالثقافة ومخزون معرفي فاخر بالمعرفة ولغة فصحى تتقاطر منها عبارات مهنية واعتبارات معرفية تعتمد على أصول الخبرة وتتعامد على فصول المهنة قضى العيدي من عمره عقودا وهو يبهج «مقامات» الإبداع ويؤصل «قيم» الإمتاع ويؤسس «معاني» الإعداد ويؤنس «معالم» التقديم ويملأ أصداء الإذاعة بصدى «الحرفية» ويضيء آفاق التلفزيون بمدى «الاحتراف» ويملأ قاعات «الجامعات» بضياء التدريس مذيعاً وإعلامياً وأكاديمياً ومؤلفاً وقيادياً سطع في الجزء المشرق من الذاكرة ولمع في المتن الساطع من الاستذكار وتفوق في الشأن الرفيع من التنافس.
في محافظة عيون الجواء شمال غرب بريدة الدرة المكنونة في عقد «القصيم» المضيء بالعراقة والأصالة ولد عام 1376 في منزل صغير يقبع في أركان السوق القديم المجاور لنفوذ «زحيف» الرملي الذي يفصل القرية عن المقبرة والبلدة الصغيرة وتربى في كنف «أب كريم» قضى عمره في الامامة وغرس في وجدانه بذور «الصلاح» وأم مكافحة أسبغت عليه بمساعي «الدعوات» فنشأ في أحضان «الطمأنينة» التي ملأت قلبه بدواعي «اليقين» ومساعي «التمكين» وتفتحت عيناه على «اتجاهات» من المعروف والعرفان شكلت له «خرائط» الضياء التي أنارت له دروب «الطفولة» بمشاعل «التربية» وقناديل «التوجيه».
ركض الطفل الصغير مع أقرانه بين أحياء البلدة القديمة والمعلق والصفاء والبُرقيّة.. وانصت للألحان السماوية المنطلقة من أرجاء الجامع الكبير في بلدته
وانطلق يافعاً ينتظر «سويعات» الظهيرة مع رفقاء طفولته ليقضي وقتاً ممتعاً قرب برك سمحة المائية الشهيرة التي كانت ملتقى للشباب المتسابقين لإسباغ الوضوء للصلوات والتي كانت أيسر عليهم من البيوت..
ترك العيدي «بصمات» مضيئة في أنحاء بلدته وبين ثنايا عشيرته الأقربين الذين تنبأوا بتميزه الباكر تاركين «توقعات» الغد على مرأى ومسمع والديه اللذين توسما فيه «ماهية» النبوغ سراً وعلانية.
تعتقت نفسه طفلاً بموجبات «التدين» وتشربت روحه عزائم «التيقن» وظل يلاحق الخطوات المباركة لوالده الإمام المعروف في حي الصفا سنين طويلة لينضم إلى «قوائم» الفالحين من أهل «التقوى» وعمار «المساجد».
ولأنه مسكون بالبر المبكر بأبيه فقد رأى فيه «أنموذجاً» للاقتداء حيث مضى يرتقب خطواته التجارية والتي تمخضت في تجارة «بسيطة» مؤقتة لم تستمر طويلاً كانت عبارة عن محطات صغيرة للوقود كانت في حينها على «هيئة» براميل» متنوعة لبيع البنزين والديزل والكيروسين
انتقل العيدي مع أسرته إلى بيت آخر يطل على إحدى الآبار وظل يدرس صباحاً ويكمل نهاره المفرح بإنابة والده في العمل بدكان صغير.
عاش العيدي ذكريات طفولية خليطة بين الشقاوة والحفاوة حيث دأب هو وأخوته على متابعة تربية الماشية والدجاج وبيع البيض مقابل أرغفة من الخبز كانت تملأ «مائدة» الأسرة بالثناء والامتنان.
انتقل العيدي مع أسرته إلى حفر الباطن التي عاش في باديتها وتوشم جسده برياح صيفها وتوشح قلبه برياحين شتائها وظل ينهل من «معين» والده الذي عمل بالإمامة خمسين عاماً «نعيم» النصح و»سديم» التوصية.
التحق العيدي بالمعهد العلمي وأتم المرحلتين المتوسطة والثانوية بتفوق ثم التحق بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود وحصل منها على درجة البكالوريوس عام 1399 ونال درجة الماجستير من الكلية نفسها عام 1420 ثم الدكتوراة من كلية الدعوة والإعلام عام 1428.
حياة عملية مميزة بدأها العيدي بالعمل محرراً للأخبار عام 1398 ثم مذيعاً عام 1399 وعمل مديراً للبرامج الثقافية بالتلفزيون السعودي عام 1411 ثم مديراً عاماً لإذاعة القرآن الكريم عام 1412 ومديراً للتحرير بإذاعة الرياض عام 1412 ثم عين مديراً لإدارة الإعلام الخارجي عام 1420 وعين كبيرا للمذيعين ومساعدا لمدير عام التنفيذ عام 1420 وعين مستشاراً إعلامياً على وظيفة «مستشار إعلامي» عام 1423 ثم تم تعيينه مديراً عاماً للقناة الأولى عام 1426 ثم وكيلاً لوزارة الثقافة والإعلام لشؤون التلفزيون لمدة أربع سنوات من عام 1431 - 1434 ثم نائباً لرئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون لشؤون التلفزيون عام 1436 وعين مستشاراً ومشرفاً عاماً على قناتي القرآن الكريم والسنة النبوية بمكة المكرمة والمدينة المنورة.
ترأس العديد من الفرق الإعلامية ويعمل أستاذاً للإعلام في جامعة نايف للعلوم الأمنية منذ عام 2015 ومشرفاً على الشؤون الإعلامية بالجامعة، وأستاذاً غير متفرغ بجامعة الإمام لتدريس مادة «أخلاقيات المهنة» وله عشرات العضويات في عدة قطاعات وشارك في قناة MBC لتقديم برامج حوارية لمدة خمس سنوات وشارك في العديد من اللجان وكتب عدة مقالات في صحف عكاظ والوطن والجزيرة ومجلات الشرق واليمامة وله أنشطة إعلامية متعددة كمذيع مشارك ضمن الوفود الرسمية في القمم الخليجية وأنتج الكثير من البرامج وقدم أوراق عمل متعددة في عدة مناسبات وله عدة كتب وأبحاث مطبوعة وأخرى تحت الطبع.
يتواجد العيدي في مساحات من «الأستاذية» المجللة بوقائع «الإنجاز» والمكللة بحقائق «الاعتزاز» في «إضاءات» من الأخلاق و»إمضاءات» من الوفاق شكلت مشاهد من السمعة وشواهد على المسيرة ظلت ناطقة في حيز «الذكر الواجب» وسامقة في متن «الشكر المستوجب».
يعرفه زملاء المهنة بحجم «الإيثار» الذي يصدره في كل مشهد ويألفه رفقاء الدرب بوقع «التواضع» الذي يؤكده على كل صعيد وتذكره «منصات» الاحتراف كشاهد على «الزمن الجميل» ونجم ساطع في سماء «البدايات» ومتوج مستحق في حصاد «المنجزات».
سليمان العيدي.. المذيع الأصيل والإعلامي النبيل صاحب السيرة المضيئة بالمعارف والمشارف.