استبدل الراحل محمد بن عبداللطيف آل الشيخ الصحافيين بالأدباء والشعراء في مجلسه، كان يستقبل الصحافيين في بيته على مدى سنوات، وهو المجلس الوحيد في السعودية الذي يجمع صحافيين.
كانت جلسته منتدى لطرح الأفكار الصحافية، وهموم المهنة وأحوالها، وتطلعات الصحافيين ومشاريعهم، والتي شاركهم في بعضها.
وهو لم ينجح كناشر، بقدر نجاحه ككاتب وناقد صحافي جسور، وداعم للصحافيين الشباب.
تولع أبو عبد اللطيف بعالم الصحافة والكتابة، وترك عمله في المقاولات والتجارة، وانضم إلى الصحافيين، وصار يستقبلهم في منزله، وفتح لهم أبوابا للتفكير والنقاش،حتى أضحى مجلسه أسرة يجمعها نسب الصحافة، ودارة لصنع الأفكار، ودعم المواهب.
في منتصف ثمانينيات القرن الماضي بدأ محمد آل الشيخ الكتابة بأسماء مستعارة في مواقع الإنترنت التي كانت للتو بدأت، وهو من أوائل الذين دخلوا عالم الصحافة الإلكترونية بمساعدة المستشار سعود القحطاني، الذي كان عراب الصحافة الإلكترونية السعودية في بداياتها، وأحد أهم رواد صناعتها، وأبرز نجومها.
امتلك سعود القحطاني ناصية مهارات التعامل مع عالم الإنترنت وفنونه، وهو ساهم في تدريب وتشجيع جيل من الصحافيين والكتاب من أشهرهم محمد آل الشيخ، ولاحقا شارك سعود في إثراء بعض الصحف الإلكترونية السعودية التي نشأت مع مطلع القرن الجديد، فضلا عن أن المستشار سعود القحطاني شكل مرجعية للصحافيين السعوديين حول الصحافة الإلكترونية، وكان من المبشرين بمستقبلها منذ وقت مبكر، وكأنه يرى واقعها اليوم.
ولعب سعود القحطاني دورا مشهودا في تجسير علاقة محمد آل الشيخ بمؤسسات وشخصيات، ومنحه دعما معنويا استطاع الراحل من خلاله أن يلعب دورا مرموقا في الصحافة السعودية على مدى سنوات.
محمد آل الشيخ قارئ نهم للكتب، شاعر ومتذوق للشعر، مُطّلع على التاريخ وعلم الأنساب والمذاهب الإسلامية، ويستهويه مداولة النقاشات في القضايا الشائكة، وهو يستخدم رصيده الثقافي لثراء مسامراته الصحافية في مجلسه الشهير.
تعامل محمد آل الشيخ مع دوره بجدية، وحاز رؤية واضحة لدوره، مواظب على متابعة ما تنشره الصحف والدوريات، يناقش الكتاب في مقالاتهم، ويشهد المناسبات الثقافية، وهو عمل مستشارا صحافيا مع الراحل الأمير أحمد بن سلمان، كان يسعى إلى الآخرين ومعرفة أفكارهم.
اتصل بي في أحد الأيام، وقال لي أريد منك أن تعرفني على مؤلف كتاب «السعوديون والحل الإسلامي»، جلال كشك بعد زيارة للقاهرة،استمرت ثلاثة أيام، جلسنا خلالها إلى جلال كشك، ودخل معه محمد آل الشيخ في نقاشات حول تاريخ السعودية، وتسمية أهل الدرعية بـ«أهل العوجا»، وأصل التسمية والخلاف حولها.
وفي رحلة العودة، قال لي أبو عبد اللطيف:»اللي يجلس مع جلال كشك يحس أن هذا الرجل يتمشى في حي دخنة»، كناية عن دراية جلال كشك بأدق تفاصيل تاريخ الدولة السعودية، لاحقا أخبرت الراحل جلال كشك بملاحظة محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ فابتسم وقال بسخريته المعهودة،» دي شهادة مهمة يا دواد،صحبك ده حفيد الملا»!! رحم الله محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ.
** **
- داود الشريان